249

الاجتهاد عادة وفي كثير من الموارد في الوثوق بالحكم والفتوى. فهذه النكتة توجب أن يفهم العرف من الدليل عدم الانحلال، أو ـ على الأقل ـ توجب عدم انعقاد الاطلاق بنحو الانحلال، فلا يصبح حكمه أو فتواه حجة في مورد عرفنا صدفة عدم علاقته بأي نكتة أخرى مرتبطة بباب آخر لم يصل فيه إلى مرتبة الاجتهاد.

وأما رواية أحمد بن اسحاق فهي واردة بشأن العمري وابنه، وهما من الرواة والفقهاء الاجلاء. ويحمل ذلك ـ طبعاً ـ على المثالية ويتعدى إلى غيرهما، ولكن التعدي إنما هو في حدود عدم احتمال الفرق عرفاً، أما بالنسبة للمتجزي فاحتمال الفرق موجود.

وقد اتضح بهذا العرض اشتراط الوصول إلى مرتبة الاجتهاد المطلق في نفوذ الحكم وفي حجية الفتوى معاً.

نعم، لا يشترط استنباطه بالفعل لكل حكم آخر في غير المورد الذي أريدت الاستفادة من حكمه أو فتواه، لأن كونه بالغاً مرتبة الاجتهاد المطلق كاف في حصول الوثوق المطلوب.

الملحق رقم (9)

وليس المعنى المرتكز اسلامياً وشيعياً في ذهن المتشرعة من وجوب اطاعة النبي أو الإمام على الاطلاق، بمعنى وجوب البيعة معه كي تجب اطاعته، بل يرى رأساً وجوب اطاعة المعصوم (عليهم السلام)

250

حتى قبل البيعة.

على أن أكثر ما كان في بيعة النساء عليه مع النبي (صلى الله عليه وآله) ـ كما يظهر من مراجعة الآية الشريفة ـ هي أحكام واجبة إلهياً بيّنها الرسول كمبلغ لا كمجرد ولي الأمر، وذلك من قبيل ترك الشرك بالله والسرقة والقتل والزنا، ولا اشكال في عدم توقف وجوب هذه الامور على البيعة.

أما لو فرض أن البيعة مع المعصوم قيد في الواجب ـ وهو اطاعته فيما يصدره من أوامر بصفته ولياً لا في الوجوب ـ فهذا لا يصبح شاهداً لما هو المقصود من تقليص ولاية الفقيه وتقييدها بالبيعة، كي يثبت أن انتخاب الولي من بين الفقهاء يكون بيد الأمة عن طريق البيعة مع من أرادوا.

ثم ان الاستدلال بالسيرة على اعتبار البيعة: يكون ببعض تقريباته في صالح القول بأن البيعة شرط في فعلية ولاية الفقيه الثابتة بنصوصها، وببعض تقريباته في صالح القول بأن البيعة بذاتها تمنح الولاية بلا حاجة إلى نص آخر للولاية. وهذا هو ما أسميناه بعرض البيعة على الصعيد الأول من البحث.

توضيح ذلك: أن الاستدلال بالسيرة يمكن أن يكون بأحد تقريبات ثلاثة:

الأول: أن يتمسك بالسيرة على البيعة مع من ثبتت ولايتهم

251

بالنص، وهم النبي والأئمة المعصومون (عليهم السلام)، وهذا يكون في صالح جعل البيعة شرطاً في ولاية الفقيه.

ولكن قد عرفت أن البيعة مع النبي والإمام المعصوم لم تكن شرطاً لتمامية الولاية، بل كانت تعهداً بالعمل بما هو الواجب من اطاعتهم (عليهم السلام)، مما يوجب تأكيداً في تحرك الضمير نحو الانصياع للقائد الصحيح.

الثاني: أن يتمسك بسيرة المسلمين على بيعة من لم يكن منصوباً من قبل الله بالنص، وقد كان هذا ـ في الحقيقة ـ بروح منح الولاية لمن يبايعونه. فهذا دليل على أن البيعة بذاتها تمنح الولاية بلا حاجة إلى نص آخر.

صحيح أن الخلفاء الذين بويعوا لم يكونوا ـ في نظر الشيعة ـ مؤهلين للبيعة، اما لفقدان شرائط العلم والعدالة والكفاءة أو لوجود الإمام المعصوم، ومعه لا تصل النوبة إلى أي انسان آخر الا كمنصوب من قبل المعصوم ولو فرض عالماً عادلاً كفؤاً. الا أن هذا يعني الخطأ في المصداق، ولكن تبقى دلالة السيرة على كبرى كون البيعة مانحة للولاية لمن كان واجداً للشرائط ثابتة، سواء فرضناها عبارة عن سيرة المتشرعة أو فرضناها عبارة عن سيرة العقلاء مع عدم ورود الردع بل قد ورد الامضاء لذلك، وهو ما مضى من روايات حرمة نكث الصفقة. فهذا الامضاء أيضاً يحمل في تطبيقه على المصداق المعين

252

على التقية، ولكنه يبقى دالاً على صحة الكبرى.

الا أن التمسك بجزء تحليلي من هذا القبيل للسيرة أو النص بعد سقوط المدلول المطابقي، غير صحيح حسب ما نقحناه في الأصول.

الثالث: أن يقال: بأن ثبوت السيرة العملية للمسلمين في عصر النصوص على البيعة ـ سواء كانت مع من ثبتت ولايته بالنص أو مع غيره ـ توجب انصراف اطلاق دليل الولاية عن فرض عدم البيعة وجعل المفاد العرفي لدليل الولاية وهو وجوب البيعة معه كي يصبح ولياً، وهذا في صالح جعل البيعة شرطاً في ولاية الفقيه بعد فرض ثبوت النص على ولايته.

والجواب: أنه بعد أن كانت بيعتهم تارة بروح منح الولاية لغير المنصوص على ولايته، وأخرى مؤكدة لنفس وجوب الطاعة ومحركة للضمير والوجدان، لا توجب سيرة كهذه انصرافاً كهذا.

ثم لا ننسى أنه لو استفاد أحد من السيرة أو من أي دليل آخر اعتبار البيعة كشرط في ولاية الفقيه أو كمانح للولاية مستقلاً، فهذا في الحقيقة يرجع إلى مسألة التصويت والانتخاب، ويعود ما ذكرناه في بحث الشورى من إشكال أن الشريعة الاسلامية لم تحدد بنود هذا الانتخاب وشروطه. فمثلاً هل تشترط البيعة من قبل أكثرية الأمة أو أهل الحل والعقد ومن هم أهل الحل والعقد؟ أو أن المهم هو

253

بيعة عدد من الناس بحيث يكفي لحصول القدرة على القيام بالأمر وادارة المجتمع أم ماذا؟ وعند الاختلاف هل يرجح بالكم أو الكيف؟ وما إلى ذلك من أسئلة لم يرد عليها جواب في الكتاب أو السنة.

الملحق رقم (10)

أما إذا افترضنا أن هذه الحاجة الاجتماعية لا تقضي بتعيين الفقيه للوقت لأنه غير مبسوط اليد مثلاً ـ أي لا يقدر على تنفيذ ما يحكم به تنفيذاً اجتماعياً عاماً ـ ولا تتبعه الأمة، والفائدة التي تترتب على ذلك إنما هي فائدة شخصية، وهي أن شخصاً ما قد يهتدي عن هذا الطريق إلى الوقت الواقعي ويعمل به. ففي ثبوت ولاية من هذا القبيل للفقيه كي يتسنى له تعيين الوقت لغيره بالحكم اشكال ينشأ من أن المفهوم عرفاً من مثل الأمر باطاعة ولي الأمر ـ بحسب مناسبات الحكم والموضوع ـ هو اطاعته فيما يحتاج عادة فيه إلى المراجعة إلى ولي الأمر لحسم النزاع، أو مصلحة اجتماعية، أو لقصود الفرد أو العنوان كما في التعامل مع السفيه أو في عنوان الفقراء أو ممتلكات المسجد، دون اطاعته في مجرد المصالح الفردية.

فمثلاً لو شخص الفقيه أن من مصلحتي الفردية أن لا أسافر في اليوم الفلاني، فاطلاق الأدلة لا يعطيه ولاية من هذا القبيل كي يحكم عليَّ بعدم السفر. وإذا ثبت حق من هذا القبيل للنبي الذي هو

254

أولى بالمؤمنين من أنفسهم أو للأئمة المعصومين (عليهم السلام)، فهذا لا يوجب أسراءه إلى الفقهاء، لأن هذه الأمور ليست مما يرجع عادة فيها إلى ولي الأمر، فتكون أدلة الولاية العامة للفقهاء منصرفة بمناسبات الحكم والموضوع عنها. على الخصوص إذا كان دليلنا سنخ دليل تم فيه الاطلاق بملاك إفادة حذف المتعلق للعموم عند عدم وجود القدر المتيقن أو بمعونة مناسبة الحال، فعدم الاطلاق حينئذ يكون أوضح.

وعليه نقول: ان موضوع تعيين الوقت حينما لا تترتب عليه مصلحة توحيد الكلمة والمصالح الاجتماعية المترتبة عند بسط يد الحاكم مثلاً، يدخل في المصالح والتصرفات الفردية التي لا ولاية للفقيه فيها.

الا أنه قد يمكن حل الاشكال في خصوص مسألة توقيت الأهلة والشهور، بأن يقال: انه لئن لم يمكن اثبات ذلك ـ في غير فرض ترتب المصالح الاجتماعية الكامنة في توحيد الكلمة باطلاق آية اطاعة ولي الأمر ـ فمن الممكن اثبات ذلك باطلاق رواية أحمد بن اسحاق؛ وذلك لأنه يكفي في شمول اطلاقها لإثبات الولاية في أمر من الأمور وعدم انصراف الاطلاق عنه أو عدم صيرورة غيره هو القدر المتيقن المانع عن انعقاد الاطلاق بملاك حذف المتعلق مجموع أمرين:

255

الأول: أن يكون من المتعارف وقتئذ الرجوع في ذلك الأمر إلى الولاة، وهذا ثابت بالنسبة للمواقيت والأهلة.

الثاني: أن يكون تعارف ذلك عند الولاة والناس على أساس الخطأ في الصغرى، بافتراض الوالي نفسه متقمصاً قميص الإمام، لا على أساس الخطأ في الكبرى، بان يكون قد انتحل لنفسه حقاً لم يكن ثابتاً حتى للوالي المبسوط اليد الشرعي. وهذا ايضاً ثابت في المقام، إذ لا اشكال في أن من حق الإمام الحق المبسوط اليد تعيين الهلال، كما روى الكليني بسند تام عن محمد بن قيس ورواه الصدوق أيضاً بسند تام عن محمد بن قيس (على اختلاف يسير جداً في العبارة) عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا شهد عند الإمام شاهدان أنهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوماً، أمر الإمام بالأفطار في ذلك اليوم إذا كانا شهدا قبل زوال الشمس، فإن شهدا بعد زوال الشمس أمر الإمام بافطار ذلك اليوم وأخر الصلاة إلى الغد فصلى بهم(1).

هذا إذا كان دليلنا على ولاية الفقيه رواية أحمد بن اسحاق. أما إذا كان دليلنا على ولاية الفقيه توقيع اسحاق بن يعقوب، بناءً على تمامية سنده، وأردنا اثبات المقصود في المقام باطلاق قوله: "فإنهم حجتي عليكم" الثابت بمناسبة الحال الدال على كون الفقيه



(1) الوسائل ج5 ب9 من أبواب صلاة العيد ح1ص104، وح7 ب6 من أبواب أحكام شهر رمضان ح1ص199.

256

ورواي الحديث نائباً عن الإمام في كل ما كان للإمام من حق، فهذا يتوقف اضافة إلى الأمرين الماضيين على أن نثبت مسبقاً ان تعيين الهلال هو من حق الإمام (عليه السلام)، حتى في فرض عدم بسط اليد وعدم ترتب الأثر الاجتماعي المطلوب عليه، وإنه (عليه السلام) لو حكم بالهلال تقدم حكمه على الاستصحاب (بغض النظر عن أن حكمه باعتباره معصوماً يورث العلم بالواقع الرافع لموضوع الاستصحاب أو العلم بالبينة مثلاً المتقدمة على الاستصحاب) فلابد من اثبات ذلك مسبقاً حتى يكون هذا من حقه (عليه السلام)، فيصبح مشمولاً لاطلاق قوله "حجتي عليكم" الدال على حجيته في كل ما كان الإمام حجة فيه، واثبات ذلك يكون عن طريق التمسك باطلاق رواية محمد بن قيس.

هذا لو لم نقل بانصرافه إلى الإمام المبسوط اليد، بقرينة ما فيها من أمر الإمام للناس بالإفطار والصلاة بهم، حيث انه في ذلك الزمان لم يكن من المتعارف ما هو المتعارف عندنا اليوم من صلاة العلماء في العيد وحكمهم بالإفطار علناً رغم عدم كونهم مبسوطي اليد. فقد يقال: ان المنصرف من كلمة الإمام ـ بقرينة هذه الجملة عند العرف ـ هو الإمام المبسوط اليد، أو يقال على الأقل بالإجمال.

257

الملحق رقم (11)

هذا اضافة إلى ما عرفنا من أن اطلاقات دليل الولاية في المقام لم تتم بمجرد مقدمات الحكمة، بل بمناسبات المقام أو بحذف المتعلق مع عدم القدر المتيقن في مقام الخطاب. وواضح أن اطلاقاً من هذا القبيل لا ينعقد في دائرة تعارض دليل حرمة أو وجوب الفعل الثابتين قبل الحكم.

نعم، قد يكون حكم الحاكم مغيراً لموضوع الحكم الالزامي، فينفذ. ونذكر لذلك مثالين:

1 ـ لو وقع البيع على مال اليتيم بحكم الحاكم، جاز لمن يقطع بخطأ الحاكم في تقديره للموقف شراء هذا المال، لأنه يكفي في موضوع صحة البيع وجواز الشراء كونه برضى ولي صاحب المال، وقد رضي الولي بذلك ولو على أساس خطأ له في تقدير الموقف.

2 ـ لو حكم الحاكم بالجهاد واعتقد شخص بحرمته على أساس علمه بأن الخسارات التي تلحق المسلمين في هذه الظروف من الجهاد أكبر من المصالح، ولكنه رأى أنه بعد ان حكم بذلك ستقع هذه الخسارات ـ على أي حال ـ على أساس أن كثيراً من أفراد المجتمع غير العالمين بالخطأ سيطبقون حكمه، ومخالفة

258

البعض لا تقلل من الخسارة، بل قد تزيد الخسارة على أساس التفرقة والاختلاف اللذين سيقعان في المجتمع، إذن فقد انتفى موضوع الحرمة التي كان يعتقد بها هذا الشخص ونفذ الحكم بشأنه.

أما لو لم يكن الحاكم مغيراً لموضوع الحكم الإلزامي من وجوب أو حرمة، فلا يؤثر في تغيير وظيفة الفرد. ولا يختلف ذلك في الحكم الولايتي بين أن يفترض ذلك الحكم الذي خالفه الحاكم واقعياً أو ظاهرياً.

نعم، الحكم الكاشف لو تعارض مع ما يراه الفرد من حكم ظاهري الزامي ولم يعلم الفرد بخطئه أو خطأ مدركه، نفذ بشأنه إذا كان الحكم الظاهري ثابتاً بالأصل أو بالظن في مورد يجب اتباعه لولا الامارة. كما في موارد نقطع باهتمام الشارع بالحكم الواقعي بحيث لو لم تكن أمارة شرعية على تعيينه لابد من اتباع الظن فيه، فعندئذ يتقدم حكم الولي على الأصل أو على ذلك الظن، لكونه أمارة على الواقع، والامارات الشرعية تتقدم على الأصول أو على ظن من هذا القبيل. أما إذا كان الحكم الظاهري ثابتاً بأمارة شرعية أخرى فهنا يقع التعارض بين الأمارتين(1).



(1) بإمكان أحد أن يقول بتقدم حكم الحاكم في هذه الصورة أيضاً، بدعوى أن ظاهر دليل مرجعية المولى ـ بمناسبات الحكم والموضوع ـ أن الشريعة الإسلامية أرادته فيصلاً للأمور، وأن يكون حكمه مقدّماً على سائر الامارات المعارضة له. ولكننا لم نتبنَّ هذا الاستظهار.

259

هذا، ومن أمثلة معارضة حكم الولي للحكم الظاهري الالزامي، ما لو حكم الحاكم بهلال شوال بينما يملك الفرد استصحاب شهر رمضان، فكان حكمه الظاهري وجوب الصوم وحرمة الافطار ولم يعلم بخطأ الحاكم في حكمه ولا في مدرك حكمه، فهنا يقدم حكم الحاكم على الوظيفة الظاهرية باعتباره امارة مقدمة على الاستصحاب، وهناك في خصوص مثال الهلال نص خاص دل على نفوذ حكم الحاكم، وقد مضى ذكره في الملحق العاشر.

الملحق رقم (12)

توجد عناوين كثيرة لها ايحاءات غريبة ينبغي تبديلها أو تبديل مفاهيمها عند المسلمين في استعمالاتهم، نشير منها إلى ما يلي:

1 ـ الوطن:

فمفهومه الغربي يستبطن حواجز الإقليم أو اللغة أو الدم أو العقد الاجتماعي أو أي تقسيم آخر مفتعل، أما الاسلام فيرى الأرض بسعتها العريضة ملكاً للدولة الاسلامية بلا أي قيد أو حد.

2 ـ الاستعمار:

وهو يرتبط في مفهومه الغربي بمفهوم الوطن عندهم، فبعد فرض أوطان عديدة ـ وفقاً لحواجز الاقليم أو اللغة أو نحو ذلك ـ يفترض أن دولة أجنبية تستعمر دولة أخرى. أما الاسلام فيرى أن الأرض

260

يجب أن تعيش تحت راية واحدة هي راية التوحيد، وان الكافر غاصب لأي رقعة من الدولة امتلكها ظاهراً، وان المعركة كفر واسلام؛ فلو استعملنا كلمة الاستعمار فلا أقل من اردافها بمثل كلمة الكافر، بأن يقال "الاستعمار الكافر" كي تجرد بذلك عن ايحاءاتها الغربية.

3 ـ الاستقلال:

وهذا ايضاً في مفهومه الغربي يرتبط بالوطن بما يستبطنه من معاني الحواجز والتحديدات، أما في استعمال المسلمين فينبغي أن يقصد به عدم رضوخ المسلمين لسيطرة الكفر وفقاً لقانون "ان الاسلام يعلو ولا يعلى عليه".

4 ـ الحرية:

فهذه الكلمة بمفهومها الغربي تستبطن انحرافات كثيرة عن الخط الاسلامي الصحيح؛

فالحرية الاقتصادية تشير إلى النظام الرأسمالي الاقتصادي، بينما الاسلام له نظام اقتصادي مستقل عن كل من النظامين الرأسمالي والاشتراكي.

والحرية الفردية ترمز إلى السماح للفرد بأي تصرف يحلو له ما لم يزاحم حرية الآخرين، أما عند الاسلام فلا حرية الا في اطار الحدود التي تفرضها السماء على تصرفات الانسان.

261

والحرية الفكرية لا مجال لها في العقائد عند الاسلام الا بمعنى أن العقيدة يستحيل حصولها بالاكراه، ولكن يجب على الإنسان التفتيش عن الأصول العقائدية الصحيحة ولا تترك له الحرية في الاهتمام بذلك وعدمه، ولو أدى فكره إلى عقيدة تخالف الاسلام لا تترك له الحرية في الإضلال ويحرم عن الحقوق الخاصة بالمسلمين.

والحرية السياسية بقدر ما ترتبط بالاستقلال عن دولة أخرى ترجع إلى العنوان السابق، وبقدر ما ترتبط بحرية الانتخاب والتصويت ترجع إلى أبحاثنا في الديموقراطية والشورى التي ذكرناها في هذا الكتاب بكل تفصيل.

5 ـ حق تقرير المصير:

وهذا أيضاً راجع إلى الحرية. والواقع أن الاسلام يؤمن بأن حق تقرير المصير للفرد أو للمجتمع يكون أساساً بيد المولى الحقيقي للكون وخالقه، ألا وهو الإله العليم الحكيم، ولا يوجد للفرد أو المجتمع حق تقرير المصير الا ضمن الطريق الذي رسمته تعاليم السماء لمصير البشرية.

6 ـ الجمهورية:

فهي بمفهومها الغربي تستبطن معاني الانتخاب لرئيس الدولة وغيره والتصويت والأخذ برأي الأكثرية وما إلى ذلك، من دون تقيد بما لم يقيد الانسان به نفسه، أما في الاسلام فرئيس الدولة عند حضور

262

المعصوم هو المعصوم (عليه السلام) من دون أي انتخاب أو تصويت، وفي غيبته نرجع إلى نظام الشورى أو ولاية الفقيه حسب ما سبق من البحث عن ذلك مفصلاً.

وللفقيه أن يحكم ـ حينما يرى المصلحة في ذلك ـ بالانتخاب والتصويت والأخذ برأي الأكثرية في اطار أحكام الاسلام وتعاليم الكتاب والسنة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

*. *