5

 

 

 

 

كلمة المكتب

 

 

عندما نقف على أعتاب شخصيّة فذّة كالشهيد السعيد سماحة آية الله العظمى الإمام السيّد محمّدباقر الصدر(قدس سره) تزدحم المشاعر وتتسابق الكلمات بكلّ ما فيها من زخم للتعبير عن معاني العظمة فيه ووصف ما قدّم من عطاء ثرّ.

إنّنا نجد أنفسنا أمام ظاهرة بعيدة المدى في آفاق فكريّة وحضاريّة، ولسنا أمام فرد ولد في يوم معيّن وارتحل في يوم آخر، بل نواجه منظومة مشاريع كبيرة تجاوزت الحدود الزمانيّة والمكانيّة، وارتبطت طرّاً بغاية مقدّسة وهي خدمة الرسالة الحنيفة، فلم تأت إنجازاته الفكريّة والعلميّة كنتيجة طبيعيّة لما حباه الله من نبوغ وتفوّق عقليّ وروحيّ فحسب، بل كانت فعلاً مقصوداً له أملاه الواقع الرساليّ واقتضاءاته حتّى أنّه اختار لنفسه العاقبة التي أراد، وودّع الدنيا كما شاء، فلم يتحرّك بصدفة ولم يسكن بصدفة.

والواقع أنّ كلّ الإنجازات العلميّة والفكريّة للشهيد الصدر(قدس سره) هي معلولة للعمق المعرفيّ التخصّصيّ الذي توفّر عليه، فهو الحقل الأوّل

6

الذي نمت وسطه بنيتُه العلميّة، واستحكمت فيه خلفيّته الاجتهاديّة، َففَقِهَ علومَ الشريعة وأباحتْه سرَّها، ففلق بفكره الثاقب بحر الاستنباط، وانبجست له عين المعرفة، فنهل منها علاًّ، وطفق يُفيض من عذبها على روّاد العلم وطلاّبه، فكان صدر الشريعة ومليكها.

إنّه رجل المشاريع الكبرى راح ينظّمها عقداً فعقداً حتّى إذا قرّت عينه بما أنجز، شرع برسم مشروعه الأخير، وهو المشروع الجهاديّ والاستشهاديّ، إنّه خطّط لرحيله وصاغ منه منهجاً للثائرين، فأقدم على الشهادة في زمن قلّ فيه الناصر، وتحدّى جلاّد العراق وعصابته المتوحّشة غير آبه بطغيانهم وغطرستهم فدخل الخلود من أوسع أبوابه، فكان رائداً للفكر، ومؤسّساً ومنظّراً، وقائداً جديراً محنّكاً، وبطلاً جسوراً، وشهيداً وشاهداً.

فليس بدعاً أن يتلهّف أبناء الاُمّة إلى معرفة هذه الشخصّية، كيف عاشت للرسالة وكيف أعطت للاُمّة.

ولقد كُتبت دراسات عديدة في ترجمته(قدس سره) بيد أنّ الذي ميّز هذه الدراسة عن غيرها كونها بقلم أحد أكبر تلامذة السيّد الشهيد علماً وأقربهم منزلة لديه، ألا وهو سماحة آية الله العظمى السيّد كاظم الحسينيّ الحائري دام ظلّه الوارف ممّا يضفي على هذه الترجمة قيمة مهمّة من حيث الدقّة والاستيعاب، والأمانة والموضوعيّة، فسجّل ما رأى وبيّن ما وعى، وباعتبار مواكبته للأحداث التي حفلت بها المرحلة التي عاشها السيّد الشهيد(قدس سره) وما اكتنفتها من ملابسات، هي بحقّ أوثق مصدر في ترجمة السيّد الشهيد الصدر(قدس سره).

7

هذا، وقد جاءت هذه الترجمة في ضمن الكتاب الاُصوليّ القيّم الموسوم بـ « مباحث الاُصول »، ولمّا كان هذا الكتاب قد وضع لاُولي العلم والاختصاص ولم يطبع داخل العراق إبّان حكومة البعث البغيض لم يتسنّ لكثير من القرّاء والمثقّفين من أبناء الاُمّة الإسلاميّة الاطّلاع عليها، فحرموا من معرفة هذه الشخصيّة الفذّة وسيرتها العطرة، ولذا تلقّينا طلبات متكرّرة تقترح علينا طباعة ترجمة حياة الشهيد السعيد الإمام السيّد محمّدباقر الصدر(قدس سره) مستقلّة عن الكتاب الاُصوليّ المذكور آنفاً، ومن أجل ذلك ارتأى مكتب سماحة آية الله العظمى السيّد الحائريّ دام ظلّه أن يعيد طباعتها تحت عنوان: ( الشهيد الصدر سموّ الذات وسموّ الموقف ) عسى أن تكون مصدر إشعاع ومنبع إلهام للسائرين في طريق الله.

ولا يفوتنا أن نقدّم وابل شكرنا إلى كلّ من ساهم في إعداد وتنظيم وتحقيق هذا الإصدار، سيّما الاُستاذ ماجد حمد الطائي حفظه الله.

9

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللّهُ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ الطيِّبِينَ الطاهِرِين.

﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون ﴾ صدق الله العليّ العظيم.

أرى لزاماً لي في مقدّمة هذا الكتاب الذي هو تقرير لبحث الاُصول لاُستاذنا الشهيد آية الله العظمى السيّد محمّدباقر الصدر (رضوان الله عليه) أن أكتب ترجمة متواضعة عن حياة هذا الشهيد العظيم الذي أنار درب العلم للعلماء، ودرب الشهادة للشهداء، وشقّ السبيل أمام العاملين للإسلام. فبأبي هو وأمّي ونفسي من قائد فذّ لايجارى، ومرجع كبير لايضاهى، وسلام عليه يوم ولد ويوم استُشهد ويوم يبعث حيّاً.

أفتتح ترجمتي لحياة اُستاذي الشهيد(رحمه الله) بحديث مختصر عن اُسرته الكريمة استللت عمدة ما فيه من رسالة بعثها إليّ المرحوم العلاّمة المجاهد السيّد عبدالغنيّ الأردبيليّ(رحمه الله)، وكانت هذه الرسالة مشتملة على ترجمة حياة الاُستاذ واُسرته كتبها في النجف الأشرف

10

بقرب المترجم له. وهو تلميذ من تلامذة هذا الاُستاذ قد تُوفيَّ قبل استشهاد اُستاذنا، وذلك بتأريخ ( 28 / رجب / 1397 هـ )، وقد رثاه اُستاذنا في ضمن ما رثاه بقوله:

«... إذا كان القدر الذي لارادّ له قد أطفأ في لحظة أملي في أن أمتدّ بعد وفاتي، وأعيش في قلوب بارّة كقلبه، وفي حياة نابضة بالخير كحياته، فإنّي أتوسّل إليك يا ربّي بعد حمدك في كلّ يسر وعسر أن تتلقّاه بعظيم لطفك، وتحشره مع الصدّيقين من عبادك الصالحين وحسن اُولئك رفيقاً، وأن لاتحرمه قربي، ولاتحرمني رؤيته بعد وفاته ووفاتي بعد أن حُرِمتُ ذلك في حياته، وأرجو أن لايكون انتظاري طويلاً للاجتماع به في مستقرّ رحمتك»(1).

سبحانك ياربّ ما أسرعك في استجابة هذا الدعاء النابع من قلب مفجوع بوفاة تلميذه العزيز عليه، فألحقته به في مستقرّ رحمتك، وفجع بذلك المسلمون جميعاً بالخصوص العارفون بالله العاملون في سبيل الله، وهم لايملكون شيئاً إزاء هذه الفاجعة المؤلمة عدا أن يقولوا: «اللّهمّ تقبّل منّا هذا القربان».

 

 


(1) دروس في علم الاُصول، الحلقة الاُولى:.

11

 

 

الاُسرة الكريمة العريقة

 

 

 

1 ـ السيّد صدرالدين (قدس سره).

2 ـ السيّد إسماعيل الصدر(قدس سره).

3 ـ السيّد حيدر الصدر(قدس سره).

والدة الشهيد الصدر رحمة الله عليها.

 

 

13

 

 

 

 

اُسرة الشهيد الصدر معروفة بالفضل، والتقى، والعلم، والعمل، ومكارم الأخلاق. وقد كانت مشعلاً للهداية والنور، ومركزاً للزعامة والمرجعيّة الدينيّة، ومداراً للإفادة والإفاضة في مختلف الأجيال. وقد انحدرت من شجرة الرسالة والسلالة العلويّة من أهل بيت أراد الله ليذهب عنهم الرجس ويطهّرهم تطهيراً. وهذه الاُسرة العريقة قد اتّخذت ألقاباً مختلفة باختلاف العصور طيلة ما يزيد على قرنين، فكانت تلقّب:

تارةً بآل أبي سبحة.

واُخرى بآل حسين القطعيّ.

وثالثةً بآل عبد الله.

ورابعةً بآل أبي الحسن.

وخامسةً بآل شرف الدين.

وأخيراً بآل الصدر.

وها نحن نشير إلى عدد من الفحول العظام من سلالة هذه الشجرة الطيّبة التي أنجبت أخيراً قائداً فذّاً، ومرجعاً عبقريّاً لم ترَ عين الزمان مثله، ألا وهو شهيدنا الغالي السيّد محمّدباقر الصدر رضوان الله تعالى عليه:

14

 

1 ـ السيّد صدرالدين(قدس سره)

 

السيّد صدرالدين محمّد بن السيّد صالح بن السيّد محمّد بن السيّد إبراهيم شرف الدين بن زين العابدين بن السيّد نورالدين الموسوىّ العامليّ.

هو فخر من مفاخر الشيعة، وعالم فذّ من كبار علماء المسلمين، ومن نوابغ العلم والأدب قلّ من يضاهيه في الفضيلة والتقوى.

ولد في قرية (معركة) من قرى جبل عامل، ونشأ ونما علميّاً في النجف الأشرف، ثُمَّ هاجر إلى الكاظميّة، ومنها إلى إصفهان، ثُمَّ عاد إلى النجف الأشرف، وتُوفِّي ودفن في النجف الأشرف.

والده(رحمه الله): السيّد صالح من أكابر العلماء، كان مرجعاً للتقليد، وزعيم الطائفة الإماميّة في بلاد الشام، هاجر من جبل عامل إلى النجف الأشرف فراراً من الحاكم الظالم في جبل عامل وقتئذ (أحمد الجزّار)، وتُوفّي في سنة ( 1217 هـ ).

والدته رحمها الله: بنت الشيخ علي بن الشيخ محيي الدين من أسباط الشهيد الثاني.

ولد السيّد صدرالدين(رحمه الله) في (21 من ذي القعدة من سنة 1193 هـ ) في جبل عامل، وهاجر في سنة (1197 هـ ) مع والده إلى العراق، وسكن النجف الأشرف، واهتمّ بتحصيل العلوم الإسلاميّة والمعارف الإلهيّة في صغر سنّه، حتّى إنّه كتب تعليقة على كتاب قطر الندى وهو ابن سبع سنين، وقد قال هو: إنّي حضرت بحث الاُستاذ الوحيد

15

البهبهانيّ(رحمه الله) في سنة ( 1205 هـ )، وكنت أبلغ من العمر اثنتي عشرة سنة، وكان الاُستاذ معتقداً بحجّيّة مطلق الظنّ ومصرّاً على ذلك، وحضرت في نفس السنة بحث العلاّمة الطباطبائيّ السيّد بحر العلوم(رحمه الله).

وقد قالوا: إنّ السيّد بحر العلوم(رحمه الله) كان ينظم آنئذ ما أسماه بــ (الدرّة)، وكان يعرضها على السيّد صدرالدين لما لاحظه فيه من كماله في فنّ الشعر والأدب.

وقد ذكر السيّد حسن الصدر في تكملة أمل الآمل: أنّ الشيخ الشاعر جابر الكاظميّ ـ مخمّس القصيدة الهائيّة الأزريّة ـ قال: إنّ السيّد الرضيّ(قدس سره)أشعر شعراء قريش، والسيّد صدرالدين أشعر من السيّد الرضىّ.

بلغ السيّد صدرالدين مرتبة الاجتهاد قبل بلوغه سنّ التكليف، وقد أجاز له الاجتهاد صاحب الرياض(رحمه الله) في سنة ( 1210 هـ )، وصرّح بأنّه كان مجتهداً قبل أربع سنين. وهذا يعني أنّه قد بلغ الاجتهاد في السنة الثالثة عشرة من عمره الشريف، وهذا ما لم يسمع نظيره إلاّ بشأن العلاّمة الحلّيّ(قدس سره)والفاضل الهنديّ(قدس سره)، على أنّه كان يفوقهما في فنّ الشعر والأدب.

وقد ذكر السيّد حسن الصدر ـ أيضاً ـ في تكملة أمل الآمل: أنّ الشيخ محمّدحسن صاحب الجواهر والشيخ حسن بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء ـ وهما من أكابر أساتذة النجف الأشرف ـ كانا يَدِينان بالفضل للسيّد صدرالدين عند رجوعه من إصفهان إلى النجف الأشرف، وكانا يجلسان لديه جلسة التلميذ لدى اُستاذه.

16

دخل يوماً السيّد صدرالدين على المحقّق صاحب الجواهر(رحمه الله)، فأقبل صاحب الجواهر إليه آخذاً بعضده، وأجلسه محلّه، وجلس قبالته، وتذاكرا في العلم والفقه، وانجرّ الكلام إلى اختلاف الفقهاء في مسألة ما، فبيّن السيّد ببيان فائق اختلاف الآراء الفقهيّة في تلك المسألة مع اختلاف طبقاتهم من العصر الأوّل إلى زمانه، وفرّع الخلاف في ذلك على اختلافهم في المباني والمسالك، وشرح تلك المباني والفروق التي بينها، فتعجّب الشيخ صاحب الجواهر من تبحّر السيّد، وقال بعد ذهاب السيّد: «ياسبحان الله! السيّد جالسَ جميع العلماء، وبحث معهم، ووقف على أذواقهم ومسالكهم. هذا والله العجب العجاب، ونحن نعدّ أنفسنا من الفقهاء. هذا الفقيه المتبحّر».

وقد رُوِي في تكملة أمل الآمل عن الشيخ الجليل عبدالعليّ النجفيّ الإصفهانيّ(رحمه الله): أنّه دخل السيّد صدرالدين في ليلة من ليالي شهر رمضان المبارك حرم الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، وبعد أن أنهى زيارته للإمام(عليه السلام)جلس خلف الضريح المقدّس؛ لكي يقرأ دعاء أبي حمزة، وحينما قرأ الجملة الاُولى: «إلهي لاتؤدّبني بعقوبتك» أخذه البكاء، وكرّر الجملة مراراً وهو يبكي إلى أن غشي عليه، فحملوه من الحرم الشريف إلى بيته.

وكانت للسيّد(رحمه الله) كلمات ومقاطع خاصّة لدى مناجاته لله تعالى، منها قوله:

رضاك رضاك لا جنّات عدن
و هل عدن تطيب بلا رضاكا

تزوّج السيّد صدرالدين(رحمه الله) بنت الشيخ الأكبر صاحب كشف

17

الغطاء، وولدا ابناً اسمه السيّد محمّد علي المعروف بــ ( آقا مجتهد )، وكان من أعلام عصره ونوادره.

وقد اُبتلي السيّد(رحمه الله) في أواخر حياته في إصفهان باسترخاء في بدنه شبه الفالج. ورأى ذات يوم في عالم الرؤيا الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) قائلاً له: « أنت ضيفنا في النجف الأشرف »، وعرف بهذه الرؤيا أنّ وفاته قد اقتربت، فهاجر إلى النجف الأشرف، وتُوفّي في ليلة الجمعة أوّل شهر صفر من سنة ( 1264 هـ )، ودفن في حجرة في الزاوية الغربيّة من الصحن الشريف قريباً من الباب السلطانيّ رضوان الله عليه.

 

مؤلّفات السيّد صدرالدين(قدس سره):

1 ـ اُسرة العترة: كتاب فقهيّ استدلاليّ.

2 ـ القسطاس المستقيم في اُصول الفقه.

3 ـ المستطرفات في فروع لم يتعرّض لها الفقهاء.

4 ـ شرح منظومة الرضاع: وهي ما نظم بها هو(رحمه الله) كتاب الرضاع باُسلوب رائع، ثُمَّ شرحها، كما شرحها ـ أيضاً ـ آية الله الميرزا محمّدتقي الشيرازيّ(رحمه الله).

5 ـ التعليقة على رجال أبي علي.

6 ـ قرّة العين: كتاب في علم العربيّة كتبه لبعض أولاده، وقد ذكر تلميذه في أوّل معدن الفوائد: أنّ كتاب قرّة العين على صغره يفوق المغني لابن هشام على طوله.

18

7 ـ شرح مقبولة عمر بن حنظلة.

8 ـ رسالة في حجّيّة الظنّ.

9 ـ رسالة في مسائل ذي الرئاستين.

10 ـ قوت لايموت: رسالة عمليّة باللغة الفارسيّة.

 

مشايخه:

روى السيّد صدرالدين(رحمه الله) عن أكثر من أربعين عالماً نشير إلى بعضهم:

1 ـ روى عن والده واُستاذه السيّد صالح، عن جدّه السيّد محمّد، عن اُستاذه الشيخ محمّد بن الحسن الحُر العامليّ بجميع طرقه المذكورة في آخر الوسائل.

وروى ـ أيضاً ـ عن والده، عن الشيخ يوسف البحرانيّ صاحب الحدائق، عن المولى محمّد رفيع، عن العلاّمة المجلسيّ(رحمه الله).

2 ـ روى عن العلاّمة الطباطبائيّ بحر العلوم(رحمه الله) المتوفّى سنة ( 1212 هـ )، وكان يعبّر عنه بالاُستاذ الشريف.

3 ـ روى عن العلاّمة المير علي صاحب الرياض(رحمه الله) المتوفّى سنة ( 1231 هـ )، وكان السيّد معجباً بصاحب الرياض، وكان يعتقد أنّه يفوق المحقّق القمّيّ صاحب القوانين(قدس سره)في الفقه وقوّة النظر.

4 ـ روى عن المحقّق السيّد محسن الأعرجيّ صاحب المحصول(رحمه الله)، وكان السيّد(رحمه الله)معجباً بزهده وتحقيقاته، تُوفّي في سنة ( 1228 هـ ).

19

5 ـ روى عن شيخ الطائفة الشيخ جعفر كاشف الغطاء(رحمه الله) المتوفّى سنة ( 1228 هـ ).

6 ـ روى عن السيّد الجليل المتبحّر الميرزامهدي الشهرستانيّ الموسويّ الحائريّ(رحمه الله)المتوفّى سنة ( 1218 هـ ).

7 ـ روى عن الشيخ الجليل الفقيه الشيخ سليمان معتوق العامليّ(رحمه الله)المتوفّى سنة ( 1228 هـ ).

 

طـلاّبـه:

قد ربّى السيّد صدرالدين(رحمه الله) علماء تخرّجوا على يده منهم:

1 ـ السيّد ميرزا محمّد هاشم(رحمه الله)، صاحب كتاب اُصول آل الرسول.

2 ـ السيّد محمّدباقر الموسويّ(رحمه الله)، صاحب كتاب روضات الجنّات.

3 ـ شيخ الفقهاء والمجتهدين الشيخ مرتضى الأنصاريّ(قدس سره)، صاحب كتاب المكاسب والرسائل.

4 ـ حجّة الإسلام السيّد محمّدحسن المجدّد الشيرازيّ(قدس سره).

5 ـ الشيخ شريف العلماء(رحمه الله).

 

2 ـ السيّد إسماعيل الصدر(قدس سره)

 

رئيس الاُمّة، وزعيم الملّة، مربّي الفقهاء، وصدر العلماء، اُستاذ المجتهدين والمحقّقين، نائب الإمام، سيّد الأنام، حامي الشريعة،

20

وفخر الشيعة، حسنة دهره، وجوهرة عصره، الإمام الزاهد، الورع التقىّ، آية الله العظمى، والحجّة الكبرى السيّد إسماعيل الصدر الإصفهانيّ(قدس سره).

سيّد جليل، وعالم كامل، وخبير ماهر، فقيه اُصولىّ، محقّق عبقرىّ، واحد زمانه في الزهد، ونادرة دهره في التقوى، كان أحد مراجع الشيعة في التقليد، ولد في إصفهان في سنة ( 1258 هـ ).

والده السيّد صدرالدين العامليّ الإصفهانيّ(قدس سره) الذي مضت ترجمته.

حينما تُوفّي والده في سنة (1264 هـ ) تربّى في كنف أخيه السيّد محمّدعلي المعروف بــ (آقا مجتهد)، وكان متمتّعاً بالذكاء الخارق حتّى عدّ في أوائل بلوغه سنّ التكليف من الفضلاء والعلماء.

هاجر في سنة (1280 هـ ) من إصفهان إلى النجف الأشرف؛ لغرض التتلمذ على يد الشيخ الأنصاريّ(قدس سره)، ولكن حينما وصل إلى كربلاء تُوفّي الشيخ(قدس سره)، فلم ينثن السيّد(رحمه الله) عن عزمه على الهجرة إلى النجف الأشرف، فسافر إلى النجف، فتتلمذ على يد الفقهاء والعلماء آنئذ، واشتغل بالتدريس وتربية الطلاّب أيضاً.

اكتسب السيّد(رحمه الله) في فترة بقائه في النجف الأشرف إضافة إلى الفقه والاُصول والحديث معلومات اُخرى عقليّة: كعلم الكلام والفلسفة، والرياضيات كالهندسة والهيئة والنجوم على النسق القديم، مع الاطّلاع على آراء جديدة، ولم نعرف أنّه من أين أخذ هذه العلوم، وعلى من تتلمذ فيها، ولم يكن يُعرَف أنّه مطّلع على هذه

21

العلوم إلاّ حينما كان يتعرّض لها بالمناسبة في ضمن أبحاثه الاُصوليّة والفقهيّة.

وأخيراً أصبح من خواصّ تلاميذ وأصحاب المجدّد الشيرازيّ(قدس سره).

ثُمَّ هاجر اُستاذه المجدّد الشيرازىّ(قدس سره) إلى سامرّاء، وبقي السيّد الصدر يمارس نشاطه العلميّ في النجف الأشرف.

ثُمَّ سافر في النصف من شعبان من سنة (1309 هـ ) إلى كربلاء لزيارة الحسين(عليه السلام)، ووصلته رسالة في كربلاء من اُستاذه الشيرازيّ(قدس سره) يطالبه فيها بالسفر إلى سامرّاء بلا توان أو تأخّر، فاستجاب لدعوة اُستاذه، وذهب إلى سامرّاء، وكان عازماً على الرجوع إلى دار هجرته النجف الأشرف، لكنّه حينما وصل إلى سامرّاء ألزمه اُستاذه على الإقامة فيها، وكان السبب في ذلك أنّ السيّد المجدّد الشيرازيّ(قدس سره) كان قد ترك التدريس من سنة (1300 هـ ) تقريباً؛ لكثرة الاشغال والمراجعين وضعف المزاج، فأحلّ السيّد الصدر في سنة (1309 هـ ) محلّه في التدريس، فأصبح محوراً للتدريس في حوزة سامرّاء، وكانت محاور التدريس آنئذ في حوزة سامرّاء ثلاثة:

1 ـ السيّد إسماعيل الصدر الإصفهانيّ(قدس سره).

2 ـ الميرزا محمّد تقي الشيرازيّ(قدس سره).

3 ـ السيّد محمّد الفشاركيّ(قدس سره).

وكان اجتماع أهل الفضل والعلم في درس السيّد الصدر أكثر من غيره.

22

وهكذا استمرّت سامرّاء محوراً لإشعاع العلم، وكعبة لآمال العلماء، ومحطّ أنظار الفضلاء في التعليم والتعلّم وتربية الأخلاق وتهذيب النفس إلى أن فُجِعَ العالم الإسلاميُّ والمسلمون بوفاة السيّد المجدّد الشيرازيّ(قدس سره).

وانتقلت المرجعيّة والزعامة الشيعيّة من بعد المجدّد الشيرازيّ إلى السيّد الصدر، وسلّم أولاد المجدّد الشيرازيّ ما بقي من أموال وحقوق شرعيّة بحوزة السيّد الشيرازيّ إلى السيّد الصدر.

وكان السيّد الصدر(رحمه الله) زاهداً في الزعامة والمرجعيّة؛ ولهذا عزم بعد وفاة اُستاذه المجدّد الشيرازيّ(قدس سره) بسنتين على ترك بلد مرجعيّته وقتئذ، وهو سامرّاء، فترك سامرّاء مهاجراً إلى النجف الأشرف، وطلب من العلماء والأكابر أن لايتركوا سامرّاء، وحينما وصل في سفره إلى كربلاء استخار الله تعالى في الإقامة بالنجف الأشرف، فكانت الاستخارة تدلّ على النهي، فاتّخذ من كربلاء مقرّاً له، وقد هاجر من سامرّاء عدد من العلماء والفطاحل على رغم طلبه منهم عدم المهاجرة، والتحق بهم بعد ذلك آخرون، وأصبحت كربلاء كعبة آمال العلماء والفضلاء إلى أن تمرّض السيّد الصدر في سنة (1334 هـ )، فسافر إلى الكاظميّة للعلاج، وتحسّن حاله في أوّل الأمر، ولكن تدهورت صحّته بعد ذلك على أثر كبر السنّ وضعف المزاج وحوادث الدهر، وتوفّى(قدس سره) بتأريخ (12 / جمادى الاُولى / 1338 هـ )، ودفن بجوار جدّه موسى بن جعفر(عليهما السلام) في مقبرة عائليّة لآل الصدر. ورثاه الشعراء والأدباء والفضلاء بقصائد وأبيات كثيرة، وقال

23

المرحوم آية الله الشيخ مرتضى آل ياسين(رحمه الله):

لئِن يكُ أخفى اللّهُ شخصَك في الثرى
فهيهاتَ ما أخفى فضائلَكَ القبرُ
لقد كنتَ سرَّ اللَّهِ بين عبادِه
ومن سنن العادات أن يُكتَمَ السرُّ
فطوبى لقبر أنت فيه مغيّبٌ
فقد غاب في[أحشاء](1) تربتِه البدرُ

 

سيرته وأخلاقه(قدس سره):

كان(رحمه الله) آية في العفّة وعلوّ الهمّة، والاعتماد على النفس، والتوكّل على الله، وحسن الأخلاق، والزهد في الزعامة والرئاسة، كان مروّجاً للدين، مربّياً للعلماء، مساعداً للمشتغلين بالعلم، عوناً للفقراء والمساكين يوصل الأموال إلى مستحقيها بلا منٍّ أو شرط، وأحياناً لم يكن يُعرَف أنّ المال من قبله.

كان(رحمه الله) يتتلمذ على يد السيّد المجدّد الشيرازيّ(رحمه الله) الذي هو تلميذ لأبيه السيّد صدرالدين ولأخيه السيّد محمّد علي المعروف بــ (آقا مجتهد)، ولكن لم يكن يعرّف نفسه لدى السيّد المجدّد، فهو لم يكن يعلم أنّه ابن اُستاذه؛ ذلك لأنّه حينما هاجر من إصفهان إلى النجف الأشرف عزم على أن لايعرّف نفسه إلى أحد حتّى إلى أولاد عمّه واُسرته في بغداد والكاظميّة؛ كي يبقى مجهولاً، ويكون أكثر قدرة على التكامل.

إلى أن صادف أنّه تشرّف بالذهاب إلى الحج، ثُمَّ رجع إلى


(1) هذه الكلمة غير موجودة فى النسخة التى أرسلها إلىّ المرحوم السيّد عبدالغنىّ الأردبيلىّ(رحمه الله)، ولعلّها ساقطة من القلم؛ إذ من دونها لايستقيم البيت.

24

النجف الأشرف، فأخبر السيّدَ الشيرازيّ بعضُ تلامذته ممّن كان يعرف السيّد الصدر بأنّه قد قدم من الحجّ السيّد إسماعيل بن السيّد صدرالدين الإصفهانيّ، فعزم السيّد الشيرازيّ(قدس سره) على زيارة ابن اُستاذه وهو لايعلم أنّه تلميذه المحبوب لديه، فحينما زاره في بيته فوجئ بأنّ هذا هو ذاك التلميذ الذي كان مورداً لإعجاب الاُستاذ، فوقف متعجّباً قائلاً: أنت السيّد إسماعيل الصدر ابن السيّد صدرالدين الإصفهانيّ؟! قال(رحمه الله): نعم، فيزداد الاُستاذ إعجاباً بهذا التلميذ وبمكارم أخلاقه.

وقد روي أنّ السيّد إسماعيل الصدر كان عازماً على أن لايقترض من أحد مالاً مدى العمر، وكان وفيّاً بعهده على رغم معاناته في أيّام دراسته في النجف الأشرف من الفقر والفاقة إلى أن صادف ذات يوم أن أصبحت والدته البالغة حدّ الشيخوخة في حالة لاتطاق، فخاف السيّد(رحمه الله) على سلامتها، وذهب إلى الصحن الشريف وهو حائر بين أمرين: بين التكليف الشرعيّ الذي يطالبه بالمحافظة على اُمّه والذي قد يكون متوقّفاً على الاقتراض، وبين عهده الذي عاهد نفسه عليه من عدم الاقتراض مدى العمر، فجلس جلسة المتحيّر المتفكّر في أمره أمام حجرة من حجرات الشمال الغربيّ، وإذا برجل غير معروف لديه يتمثّل قبال السيّد، ويسأله: هل أنت سيّد موسوىّ النسب؟ قال: نعم، فأعطاه خمسة توامين، وقال: هذا نذر للسيّد الموسويّ النسب، فأخذها السيّد، وبقي وفيّاً بعهده مدى العمر.

وكان السيّد الصدر(رحمه الله) يحدّث أولاده أحياناً بأمثال هذه القصص

25

والحكايات بهدف تهذيب نفوسهم وتربيتهم على مكارم الأخلاق.

 

أساتذته:

1 ـ أخوه السيّد محمّد علي المعروف بــ (آقا مجتهد)(رحمه الله) كان من نوادر دهره، درس على يده السطح العالي وبعض الكتب العربيّة والرياضيّة.

2 ـ حجّة الإسلام الشيخ محمّدباقر الإصفهانيّ(رحمه الله)، درس على يده بحث الخارج مدّة عشر سنين.

3 ـ الفقيه المتبحّر الشيخ راضي النجفيّ(رحمه الله).

4 ـ الشيخ الفقيه اُستاذ العلماء والمحقّقين الشيخ مهدي بن الشيخ عليّ بن الشيخ جعفر كاشف الغطاء(رحمه الله).

5 ـ الاُستاذ الأكبر المجدّد الشيرازيّ(رحمه الله).

 

طـلاّبـه:

قد ربّى السيّد إسماعيل الصدر(رحمه الله) تلاميذ وعلماء كثيرين تخرّجوا على يده في النجف وسامرّاء وكربلاء والكاظميّة، نكتفي بالإشارة إلى أكابر طلاّبه:

1 ـ حجّة الإسلام الحاجّ السيّد أبوالقاسم الدهكوريّ الإصفهانيّ(رحمه الله)، تتلمذ على يد السيّد الصدر(قدس سره) في سامرّاء، ثُمَّ هاجر إلى إصفهان، وأصبح مرجعاً للعوامّ والخواصّ في تلك الديار.

2 ـ حجّة الإسلام الحاجّ السيّد حسين الفشاركيّ الإصفهانيّ

26

الحائريّ(رحمه الله)، تتلمذ على يد السيّد الصدر(قدس سره) في كربلاء.

3 ـ حجّة الإسلام والمسلمين آية الله في العالمين الشيخ عبدالحسين آل ياسين الكاظميّ(رحمه الله)، تتلمذ على يد السيّد الصدر(قدس سره)في سامرّاء وكربلاء والكاظميّة، وبعد وفاة اُستاذه أصبح أحد المراجع الكبار في الكاظميّة.

4 ـ حجّة الإسلام والمسلمين الميرزا علي آقا الشيرازيّ ابن المجدّد(رحمه الله)، تتلمذ على يده في سامرّاء.

5 ـ حجّة الإسلام والمسلمين الحاجّ السيّد عليّ السيستانيّ(رحمه الله)، تتلمذ على يده في سامرّاء وكربلاء، وهاجر أخيراً إلى مشهد الرضا(عليه السلام)، وأصبح أحد المراجع العظام في تلك الديار، كان عالماً فاضلاً مطّلعاً على أقوال العلماء، محيطاً بالأحاديث الفقهيّة إحاطة كاملة.

6 ـ حجّة الإسلام والمسلمين اُستاذ الفقهاء والمجتهدين آية الله العظمى الميرزا محمّدحسين النائينيّ(قدس سره)، تتلمذ على يده في سامرّاء وكربلاء، وتتلمذ ـ أيضاً ـ على يد المجدّد الشيرازيّ(قدس سره)، وهاجر بعد ذلك إلى النجف الأشرف، فصار محطّاً لأنظار العلماء والفضلاء إلى أن ربّى جيلاً من الفقهاء والمجتهدين، وأصبح مرجعاً للتقليد في النجف الأشرف.

7 ـ حجّة الإسلام الميرزا محمّد حسين الطبسيّ(رحمه الله)، تتلمذ على يده في سامرّاء، ثُمَّ عاد إلى بلاده، وأصبح أحد العلماء والأعلام المدرّسين في تلك الديار.

27

8 ـ حجّة الإسلام والمسلمين السيّد محمّدرضا الكاشانيّ(رحمه الله)، تتلمذ على يده في سامرّاء وكربلاء، ثُمَّ عاد إلى بلاده.

9 ـ حجّة الإسلام والمسلمين الميرزا محمّدعلي الهرويّ الخراسانيّ(رحمه الله)، تتلمذ على يده في سامرّاء وكربلاء، ثُمَّ ذهب إلى مشهد الرضا(عليه السلام)، وأصبح أحد المدرّسين والمراجع في تلك الديار.

10 ـ حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ محمّد هادي البيرجنديّ(رحمه الله)، عالم فاضل، ومدقّق ماهر، تتلمذ على يد السيّد الصدر(قدس سره) في سامرّاء وكربلاء، ثُمَّ عاد إلى بلاده، وكان أحد العلماء الأعلام في تلك الديار.

11 ـ آية الله الشيخ محمّدرضا آل ياسين(رحمه الله)، تتلمذ على يد السيّد الصدر(قدس سره)في كربلاء، وكان صهراً له، وكان يستفيد من فيض علومه ليل نهار، ولم يكن يكتفي في الاستفادة منه بمجلس الدرس، ثُمَّ أصبح بعد ذلك أحد علماء الشيعة الكبار والمراجع العظام في النجف الأشرف.

12 ـ آية الله المجاهد السيّد عبدالحسين شرف الدين(رحمه الله)، تتلمذ على يد السيّد الصدر(قدس سره)في كربلاء والكاظميّة، ودرس ـ أيضاً ـ على يد صاحب الكفاية وشيخ الشريعة في النجف الأشرف، ثُمَّ أصبح أحد علماء ومراجع الشيعة في لبنان إلى أن تُوفّي في جمادى الآخرة ( 1377 هـ )، وحمل جثمانه الطاهر إلى النجف الأشرف، ودفن في حجرة في الشمال الغربيّ للصحن الحيدرىّ الشريف.

28

أولاده:

خلّف من بعده أولاداً أربعة كانوا جميعاً آية في العلم، ومحاسن الأخلاق، والتقوى، وهم:

1 ـ حجّة الإسلام والمسلمين آية الله السيّد محمّد مهدي الصدر(رحمه الله).

2 ـ حجّة الإسلام والمسلمين آية الله السيّد صدرالدين الصدر(رحمه الله).

3 ـ حجّة الإسلام والمسلمين وعماد الأعلام السيّد محمّد جواد الصدر(رحمه الله).

4 ـ حجّة الإسلام والمسلمين آية الله السيّد حيدر الصدر(رحمه الله).

 

3 ـ السيّد حيدر الصدر(قدس سره)

 

سيّد جليل القدر، عظيم المنزلة، حامل لواء التحقيق، نابغة دهره، ونادرة عصره، عابد، زاهد، عالم، عامل، ابن السيّد إسماعيل الصدر(قدس سره) الذي سبقت ترجمته، ولد في سامرّاء في جمادى الآخرة سنة (1309 هـ)، وقال بعض العلماء العامليين في تأريخ ولادته:

فحيدرٌ واليمن قد جاءا معاً *** فنادِ بالتأريخ يمنٌ قد ظهر

هاجر بصحبة والده إلى كربلاء في سنة (1314 هـ)، ودرس المقدّمات والعلوم العربيّة على يد عدّة من الفضلاء، ثُمَّ درس بحث الخارج على يد أبيه السيّد إسماعيل الصدر(قدس سره)، وعلى يد السيّد حسين الفشاركيّ(رحمه الله)، والمرحوم آية الله الحائريّ اليزديّ(رحمه الله) في

29

كربلاء، وأصبح في عنفوان شبابه من العلماء المرموقين المشار إليهم بالبنان.

قال صاحب الذريعة في أعلام الشيعة:

«وقد رأيته مراراً سواء في أيّام والده أو بعدها، فوقفت على غزارة علمه، وكثرة فضله، وكان دائم الاشتغال كثير المذاكرة، قلّما دخل مجلساً لأهل الفضل ولم يفتح باباً للمذاكرة والبحث العلميّ، وكان محمود السيرة، حسن الأخلاق، محبوباً عند الجميع».

وقال آية الله السيّد عبدالحسين شرف الدين(قدس سره) فيما نشر عنه في مجلة (النجف) السنة الاُولى، العدد الثالث (15 / جمادى الآخرة / 1376 هـ ـ 20 / كانون الأوّل / 1956 م):

«... عرفته طفلاً، فكان من ذوي العقول الوافرة، والأحلام الراجحة، والأذهان الصافية، وكان وهو مراهق أو في أوائل بلوغه لايسبر غوره، ولاتفتح العين على مثله في سنّه، تدور على لسانه مطالب الشيخ الأنصاريّ ومن تأخّر عنه من أئمّة الفقهاء والاُصوليّين، وله دَلْؤ بين دلائهم، وقد ملأه إلى عقد الكرب، يقبل على العلم بقلبه ولبّه وفراسته، فينمو في اليوم ما لا ينمو غيره في الاُسبوع، ما رأت عيني مثله في هذه الخصيصة، وقد رأيته قبل وفاته بفترة يسيرة وقد استقرّ من جولته في غاية الفضل لاتبلغها همم العلماء، ولاتدركها عزائم المجتهدين...».

وقال حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ محمّدتقي آل صادق العامليّ(رحمه الله)فيما نشر عنه في مجلّة (الغري):