المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

123

لو باشر العمل بنفسه لأتى به على موجب تقليده، وليس على مقتضى تقليد الآخرين.

وأمّا الأصيل نفسه فهو إنّما يتصرّف وفقاً لتقليده، ويعتبر رأي مقلَّده هو المقياس، لا في عمله فحسب، بل في عمل الآخرين أيضاً بقدر ما يتّصل به.

ومثال ذلك: أن يقوم خالد بمعاملة خاصّة فيبيع ديناراً نقداً بدينار ونصف مؤجلا اعتماداً على رأي مقلَّده الذي يقول بجواز ذلك، وزيد مقلِّد لمن يرى بطلان هذه المعاملة، ففي هذه الحالة يجب على زيد أن يتّبع رأي مقلَّده، فيعتبر المعاملة التي قام بها خالد باطلةً، والمال الذي انتقل إلى خالد بسببها غير جائز، ولا يسمح لنفسه بأن يشتري منه ذلك المال.

وقد يرتبط زيد وخالد في معاملة واحدة كعقد بيع مثلا، وعقد البيع يشتمل على بيع ـ أي إيجاب ـ من قبل البائع وشراء ـ أي قبول ـ من قبل المشتري، ففي هذه الحالة لا يجوز لكلٍّ منهما أن يعتبر المعاملة صحيحةً إلّا إذا كانت متّفقةً مع رأي مقلَّده.

ويستثنى من ذلك الحالات التي يُعذر فيها الجاهل، ويقع العمل منه صحيحاً، كما إذا كان خالد مقلِّداً لمن يرى أنّ التسبيحات إنّما تجب في الركعة الثالثة والرابعة مرّةً واحدةً، وزيد مقلِّد لمن يرى أنّها تجب ثلاث مرّات، فيقتدي زيد بخالد الذي يأتي بها مرّةً واحدة، ويصحّ هذا الاقتداء؛ لأنّ التسبيحات يُعذَر الجاهل في تركها أو ترك شيء منها، فتكون صلاة خالد على هذا الأساس صحيحةً لدى زيد(1).



(1) طبعاً لا يشمل مقصوده(رحمه الله) فرض خطأ الإمام في القراءة التي يتحمّلها عن المأموم، فهنا رغم إيمان المأموم بصحّة قراءة الإمام لنفس الإمام لا يجزي اقتداؤه به.