المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

350

إلى عمقه في الوقت نفسه.

وقد يتّفق أنّ شيئاً واحداً يكون في حالة مائعاً وفي حالة اُخرى جامداً كالدهن والعسل، فإذا لاقى النجس وهو جامد انطبق عليه حكم الحالة الاُولى، وإذا لاقاه وهو مائع انطبق عليه حكم الحالة الثانية (1).

ونريد بالمائع الذي يتنجّس كلّه بالملاقاة ما توفّر فيه أمران:

أوّلا: أن يكون مَيعانه على نحو يجعل فيه رطوبة كرطوبة الماء (2)، فليس منه قِطَع الذهب أو الحديد التي تذوب بتسليط الحرارة عليها حتى تصبح سائلةً وتتحوّل من حالة الانجماد إلى حالة السيولة، فالذهب المذاب إذا لاقى نجساً فهو


(1) وإن كان جامداً حين التنجّس بالملاقاة ثمّ ماع سرت النجاسة إلى الكلّ بعد الميعان.
(2) المقصود بذلك: الرطوبة المسرية التي توجب التلوّث عرفاً، سواءً كانت مائيةً أو ما يشبهها كالنفطية والزيتية ونحوهما، وهذا بخلاف الميعان الذي لا يوجب سريان التلوّث عرفاً، ومَثّل له بميعان الذهب والحديد عن طريق تسليط الحرارة عليهما فهذا حاله حال الجامد.
أقول: إن كان الواقع الخارجي شاهداً على ذلك فهذا الكلام إنّما يصحّ في ملاقاة المائع للنجس الجامد، فيقال: إنّ المائع الذي يتلوّث بالنجس الجامد ـ وهو المائع المائي ـ يتنجّس به، والمائع الذي لا يتلوّث به ـ كالمائع الزئبقي أو الذهبي ـ لا يتنجّس به، ولا يصحّ في ملاقاة المائع للنجس المائع ميعاناً مائياً فإنّه بعد أن فرض تلوّث السطح الملاقي للمائع الزئبقي بالنجس لميعانه المائي فالمقياس في سريان النجاسة إلى كلّ المائع وعدمه يكون شيئاً آخر غير كون المائع مائياً أو زئبقياً، وهو نفوذ أجزاء المائع بعضهافي البعض وعدمه، إلّا إذا فرض استلزام الأوّل للثاني، أي أنّ الرقّة في الميعان المائي تستلزم تنافذ الأجزاء وتداخلها، والميعان الزئبقي يستلزم عدم تنافذها وتداخلها مهما كان المائع رقيقاً. فإن صحّ ذلك أمكنك إرجاع كلا الشرطين الواردين في المتن إلى شرط واحد وهو الميعان بشكل تكون أجزاؤه ممّا ينفذ بعضها في البعض.