المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

39

على ملايين الأعواد والمخروطات، قد رتّبت جميعاً في تسلسل يتوافق مع أداء مهمّة الإبصار، من حيث علاقات بعضها بالبعض الآخر وعلاقاتها جميعاً بالعدسة، إذا استثنينا شيئاً واحداً وهو: أنّ الصورة تنعكس عليها مقلوبة، غير أنّه استثناء مؤقّت؛ فإنّ الإبصار لم يربط بهذه المرحلة لكي نحسّ بالأشياء وهي مقلوبة، بل اُعيد تنظيم الصورة في ملايين اُخرى من خويطات الأعصاب المؤدّية إلى المخّ حتّى أخذت وضعها الطبيعي، وعند ذلك فقط تتمّ عملية الإبصار، وتكون عندئذ متوافقةً بصورة كاملة مع تيسير الحياة.

حتّى الجمال والعطر والبهاء كظواهر طبيعية نجد أنّها تتواجد في المواطن التي يتوافق تواجدها فيها مع مهمّة تيسير الحياة ويؤدّي دوراً في ذلك، فالأزهار التي ترك تلقيحها للحشرات لوحظ أنّها قد زوّدت بعناصر الجمال والجذب من اللون الزاهي والعطر المغري بنحو يتّفق مع جذب الحشرة إلى الزهرة وتيسير عملية التلقيح، بينما لا تتمّيز الأزهار التي يحمل الهواء لقاحها عادةً بعناصر الإغراء. وظاهرة الزوجية على العموم والتطابق الكامل بين التركيب الفسلجي للذكر والتركيب الفسلجي لاُنثاه في الإنسان وأقسام الحيوان والنبات على النحو الذي يضمن التفاعل واستمرار الحياة، مظهر كوني آخر للتوافق بين الطبيعة ومهمّة تيسير الحياة ﴿ وَإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوهَا إنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾(1). هذه هي الخطوة الاُولى.

الخطوة الثانية:

نجد أنّ هذا التوافق المستمرّ بين الظاهرة الطبيعية ومهمّة ضمان الحياة وتيسيرها في ملايين الحالات يمكن أن يفسّر في جميع هذه المواقع بفرضية


(1) النحل: 18.