المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

448

(94) وقد تسأل ـ على ضوء ما ذكرناه ـ وتقول: إنّ العديد من عباد الله يهاجرون من أوطانهم إلى بلاد نائية طلباً للرزق والكسب الحلال، كالذين يقصدون بلاد أفريقيا وغيرها، ومنهم من يهاجر من أجل العلم وطلبه، كالّذين يقصدون النجف الأشرف ونحوها، وكلّ من اُولئك وهؤلاء يمكثون في مهجرهم أمداً غير قصير فهل يجري عليهم حكم الوطن فيقيمون الصلاة تامّةً كاملةً ولا يسوغ فيه القصر بحال من الأحوال ؟

والجواب: إذا أعرض المهاجر عن وطنه الأصيل عازماً على عدم العودة إليه رتّب آثار الوطن على مهجره ما دام مهاجراً، ويتمّ فيه الصلاة، ولا فرق في هذا الفرض بين أن يكون قد قرّر البقاء مدّةً طويلةً في مهجره أو سنةً مثلا؛ إذ يعتبر المهجر وطناً له من القسم الرابع.

وإن لم يكن المهاجر معرضاً عن وطنه الأصيل ومنصرفاً عنه تماماً فالموقف يرتبط بالمدّة التي يعزم المهاجر على قضائها في مهجره، فإن كانت مدّةً من قبيل أربع سنوات أو أكثر اعتبر المهجر وطناً له، وأتمّ فيه الصلاة، ويكون من القسم الثالث من الوطن.

وإن كانت المدّة قصيرةً ـ كما إذا كان عازماً على البقاء سنةً أو سنتين ـ لم يكن المهجر وطناً، بل كان حكمه حكم أيّ بلد أجنبي، فيعتبر مكلّفاً بالتمام إذا كان سفره عملا له، بالمعنى الذي يأتي في الفقرة (170) وما بعدها من هذا الفصل، وإلّا فحكمه القصر (1).



(1) قد يشكّ في مبلغ من البقاء هل هو كاف لصدق الوطن أو لا، فيجمع بين القصر والتمام، أو يرجع إلى مطلقات التمام، وليس التحديد بأربع سنين أو عدم كفاية سنتين منه (رحمه الله)إلّا مجرّد استظهار عرفي له.