المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

47

على مبدأ عدم التناقض الذي لا يرتبط اعتقادنا فيه بالتجربة والاستقراء(1).

نموذج من الدليل الفلسفي على إثبات الصانع:

يعتمد هذا الدليل على القضايا الثلاث التالية:

أوّلا: على البديهية القائلة: إنّ كلّ حادثة لها سبب تستمدّ منه وجودها، وهذه قضية يدركها الإنسان بشعوره الفطري، ويؤكّدها الاستقراء العلمي باستمرار.

ثانياً: على القضية القائلة: كلّما وجدت درجات متفاوتة من شيء ما بعضها أقوى وأكمل من بعض فليس بالإمكان أن تكون الدرجة الأقلّ كمالا والأدنى محتوىً هي السبب في وجود الدرجة الأعلى، فالحرارة لها درجات، والمعرفة لها درجات، والنور له درجات بعضها أشدّ وأكمل من بعض، فلا يمكن أن تنبثق درجة أعلى من الحرارة عن درجة أدنى منها، ولا يمكن أن يكتسب الإنسان معرفةً كاملةً باللغة الإنجليزية من شخص لا يعرف منها إلّا قدراً محدوداً أو يجهلها تماماً، ولا يمكن لدرجة نور ضئيلة أن تحقّق درجةً أكبر من النور؛ لأنّ كلّ درجة أعلى تمثّل زيادةً نوعيةً وكيفيةً على الدرجة الأدنى منها، وهذه الزيادة النوعية لا يمكن أن يمنحها من لا يملكها، فأنت حينما تريد أن تموّل مشروعاً من مالك لا يمكنك أن تمدّه بدرجة أكبر من رصيدك الذي تملكه.

ثالثاً: أنّ المادة في تطوّرها المستمرّ تتّخذ أشكالا مختلفةً في درجة تطوّرها ومدى التركيز فيها، فالجُزَيء من الماء الذي لا حياة فيه ولا إحساس


(1) من أجل التوسّع في ذلك والتعمّق في إثباته واستيعاب مواقف المنطق التجريبي والمنطق الوضعي من هذه النقطة، وطريقة تفسير الوضعية لليقين في المبدأ الرياضي على أساس كونه تكرارياً ومناقشتها يمكن الرجوع إلى كتاب الاُسس المنطقية للاستقراء.« منه (رحمه الله) ».