المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

74

وقد استسلموا أمام التحدّي المستمرّ والمتصاعد الذي واجههم النبي به، إذ أعلن: تارةً عجزهم مجتمعين عن الإتيان بمثله.

وأكّد اُخرى عجزهم مجتمعين عن الإتيان بعشر سور مفَتَريَات من مثله.

وشدّد ثالثةً على عجزهم عن الإتيان بما يناظر سورةً واحدةً من القرآن الكريم(1).

أعلن النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك وكرّره على مجتمع لم يعرف صناعةً كما عرف صناعة الكلام، ولم يتقن فنّاً كما أتقن فنّ الحديث، ولم يتعوّد على شيء كما تعوّد على مجابهة التحدّي والتغنّي بالأمجاد، ولم يحرص على أمر كما حرص على إطفاء نور الرسالة الجديدة وتطويقها، ومع ذلك كلّه لم يشأ هذا المجتمع الذي واجه تلك التحدّيات الكبيرة أن يجرّب نفسه، ولم يحاول أن يعارض القرآن بشيء إيماناً منه بأنّ الأدب القرآني فوق قدرته اللغوية والفنيّة.

والطريف أنّ الذي كان يحمل إليهم هذا الزاد الأدبي الجديد على حياتهم إنسان مكث فيهم أربعين سنةً، فلم يعهدوا له مشاركةً في حلبة أدبية، ولا تميّزاً في أيّ فنّ من فنون القول.

هذا عدد من خصائص الرسالة التي أعلنها النبي (صلى الله عليه وآله) على العالم.

 


(1) ﴿قُل لَئِن اجتَمَعت الإنسُ والجِنُّ على أن يأتوا بمثلِ هذا القرآنِ لا يأتُونَ بِمثلِهِ ولو كَانَ بَعضُهُم لِبَعض ظَهِيراً ﴾. الإسراء: 88 .
﴿أم يَقُولُونَ افتَراهُ قُلْ فأتُوا بِعشرِ سُوَر مِثلِهِ مُفترَيات وادعُوا مَن استَطَعتُم من دُونِ اللهِ إن كُنتُم صادقين ﴾ هود: 13.
﴿وإن كُنتُم في رَيب ممّا نَزَّلنا على عَبدِنا فأتُوا بِسُورة مِن مِثلِهِ وادعُوا شُهَدَاءَكم مِن دُونِ اللهِ إن كُنتُم صَادِقِين ﴾ البقرة: 23.