المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

810

ولم يبذل جهده إلّا من أجل أن يحصل على امتياز يُتيح له أن يبيعه ويربح الملايين فعمله هذا يساوي في التقويم الربّاني أيّ عمل تجاريٍّ بحت؛ لأنّ المنطق الذاتي للدوافع الشخصية كما قد يدفعه إلى اكتشاف دواء مرض خطير يدفعه أيضاً بنفس الدرجة إلى اكتشاف وسائل الدمار إذا وجد سوقاً تشتري منه هذه الوسائل.

وإنّما يعتبر العمل فاضلا ونبيلا إذا تجاوزت دوافعه الذات وكان في سبيل الله، وفي سبيل عباد الله، وبقدر ما يتجاوز الذات ويدخل سبيل الله وعباده في تكوينه يسمو العمل وترتفع قيمته.

3 ـ الشعور الداخلي بالمسؤولية:

إذا لاحظنا الإنسانية في أيّ فترة من تأريخها نجد أنّها تتّبع نظاماً معيّناً في حياتها، وطريقةً محدّدة في توزيع الحقوق والواجبات بين الناس، وأنّها بقدر ما يتوفّر لديها من ضمانات لالتزام الأفراد بهذا النظام وتطبيقه تكون أقرب إلى الاستقرار وتحقيق الأهداف العامّة المتوخّاة من ذلك النظام.

وهذه حقيقة تصدق على المستقبل والماضي على السواء؛ لأنّها من الحقائق الثابتة في المسيرة الحضارية للإنسان على مداها الطويل.

والضمانات منها ما هو موضوعي، كالعقوبات التي تضعها الجماعة تأديباً للفرد الذي يتجاوز حدوده. ومنها ما هو ذاتي، وهو الشعور الداخلي للإنسان بالمسؤولية تجاه التزاماته الاجتماعية وما تفرضه الجماعة عليه من واجبات، وتحدّد له من حقوق.

وعلى الرغم من أنّ الضمانات الموضوعية لها دور كبير في السيطرة على سلوك الأفراد وضبطه فإنّها لا تكفي في أحايين كثيرة بمفردها ما لم يكن إلى جانبها ضمان ذاتي ينبثق عن الشعور الداخلي للإنسان بالمسؤولية؛ لأنّ الرقابة