المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

109

الله تعالى يثبت علم الله بوضوح بنفس طريقة الأدلّة العلميّة لا الفلسفيّة؛ فإنّ كتاباً مختصراً لمؤلّف اعتيادي يعكس عادة خصوصيّات المؤلّف ومزاياه: من فصاحة وبلاغة أو ضعف في القدرة على البيان أو دقّة في الفهم أو بلادة فيه وما إلى ذلك، فكيف لا تدل الدقّة المتناهية في كتابي التكوين ـ وهما: كتاب الآفاق، أعني الأرض والسماوات بما فيها من الآيات الماديّة، وكتاب الأنفس الذي يكون المحسوس لنا من أجزائه هو النفس البشريّة المشتملة على غرائب الاُمور وعجائبها ـ وكتاب التدوين ـ وهو القرآن المشتمل على إعجازات لا متناهية في عدّة جهات، ومنها الإخبارات الغيبيّة ـ على العلم المطلق لمؤلّف هذه الكتب الثلاثة ألا وهو الله سبحانه وتعالى؟!

4 ـ لو صنع أحدٌ سيّارة أو طائرة أو أيّة أداة صغيرة من هذا القبيل يكون عالماً بمزايا وخصوصيّات مصنوعه هذا على الرغم من أنّه ليس خالقاً له بالمعنى الحقيقي للكلمة، وانّما عمله مجرّد تجميع لأجزاء هذا المصنوع، فكيف لا يدل خلق العالم كلّه على علمه سبحانه وتعالى بما فيه؟! ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير﴾.

وبإمكانك أن تجعل الوجه الرابع جزءاً من الوجه الثالث فيتلخّص دليلنا على علمه عزّ وجلّ ضمن الأدّلة الثلاثة: النقلي والفلسفي والعقلي.

 

علم الله تعالى بالغيوب الخمسة:

نختم الحديث عن علم الله سبحانه بكلام عن الآية السادسة من الآيات التي مضت: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الاَْرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْض تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير﴾.

روي في تفسير البرهان في ذيل هذه الآية المباركة عن الصادق(عليه السلام): «هذه