المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

139

إذا نزلت لم يكن لها عمّن قارب المُذنب دفاع»(1).

التنيبه الخامس: كان كلامنا إلى هنا في البلايا والمحن الإلهيّة، أمّا ظلم البشر للبشر الموجب لإيذائه فهو خارج عن هذا البحث، لا بمعنى عدم تطرّق تلك الوجوه إليه ـ فقد يكون تسلّط الظالم أيضاً امتحاناً أو كفّارة أو مجازاة أو ما إلى ذلك ـ بل بمعنى عدم الحاجة إلى تلك الأجوبة فيها، فإنّ الحكمة الربّانيّة شاءت أن يكون البشر متمتّعاً بالإرادة والقدرة والشهوات؛ إذ لا يتمّ بدونها إمكان صعود مدارج الكمال ولا نزول سلّم الدركات، ولازم ذلك أنّه قد يظلم بعض بعضاً، ويكفي في رفع إشكال ظلم الله تعويضه عزّ وجلّ المظلوم غير المقصّر.

وبالنسبة لخصوص الظلم الاقتصادي فقد يشير بعض الآيات إلى أنّ الله تعالى أكمل النعم الاقتصاديّة الكامنة في الطبيعة للناس وكنزها فيها، فيرجع حرمان البعض إلى ظلم البشر نفسه سواء كان بمعنى ظلم فئة لفئة، أو بمعنى ظلم نفس المُعدمين لأنفسهم بعدم القيام بوظيفة الاستخراج، قال الله تعالى:

1 ـ ﴿اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ * وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الليْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّار﴾(2).

2 ـ ﴿قُلْ ءَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الاَْرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ


(1) الكافي 2: 374 ـ 375، باب مجالسة أهل المعاصي، الحديث 2.

(2) س 14 إبراهيم، الآية: 32 ـ 34.