المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

147

الجماد والنبات والجسد الإنساني والحيواني) يحمل معه قانونه الربّاني الصارم الذي يوجّهه ويرتفع به مدى ما يتاح له من ارتفاع وتطوّر، فالبذرة يتحكّم فيها قانونها الذي يحوّلها ضمن شروط معيّنة إلى شجرة، والنطفة يتحكّم فيها قانونها الذي يطوّرها إلى إنسان، وكلّ شيء: من الشمس إلى البروتون، ومن الكواكب السيّارة في مدار الشمس إلى الالكترونات السيّارة في مدار البروتون، يسير وفق خطّة، ويتطوّر وفق إمكاناته الخاصّة»(1).

وهناك ما يكون أعلى درجة في سلّم الوجود من الجمادات والنباتات وهي الحيوانات؛ فإنّها تملك شيئاً من الإرادة ونحواً من الشعور، ولا تتدبّر كلّ اُمورها بالجبر كما في الجمادات والنباتات، فسلّط الله عليها لتمشية اُمورها الغرائز، فهي في الحيوانات بمنزلة الجبر في الجمادات والنباتات، فالحيوان بغريزته يحسّ بالجوع فيأكل أو بالعطش فيشرب الماء، أو بالحاجة الجنسيّة فيديم عن هذا الطريق بقاء جنسه وما إلى ذلك، وهذا المقدار من تدبير اُمور الحيوانات يكفي لبلوغها الكمال المترقّب لها.

وهناك ما يكون أعلى درجة في سلّم الوجود من الحيوانات، فيمتلك الإرادة الكاملة والإدراك الكامل، وهو الإنسان والجنّ والملك، وهذا الثالث لا يمتلك الشهوات وإنّما يمتلك العقل، فلا يبلغ في الكمال ما يمكن للإنسان أن يبلغه؛ لأنّ بلوغه إيّاه يتوقّف على ضغطه بإرادته على شهواته وتضحيته لرغباته وميولاته النفسيّة، في حين أنّ الملك يفقد ذلك. والإثنان الأوّلان ـ وهما الإنسُ والجنّ ـ لا شكّ في أنّ أشرفهما هو الإنس، وبامتلاكه للإرادة من ناحية، وللعقل من ناحية اُخرى، وللشهوات من ناحية ثالثة، وللقدرة والسلطنة والاختيار أصبح قادراً على رقيّ مدارج الكمال التي لا يرقى إليها الجماد والنبات، بل ولا


(1) الفتاوى الواضحة: 63.