المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

153

يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾(1).

ومن قبيل أمر الأولاد بخفض جناح الذلّ للوالدين، ولو كانا من أعدى أعداء الله، أي كانا من المشركين، قال الله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً﴾(2)، ﴿وَوَصَّيْنَا الاِْنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْن وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون﴾(3)، ﴿وَوَصَّيْنَا الاِْنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون﴾(4)، ﴿وَوَصَّيْنَا الاِْنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً﴾(5).

والدليل على أنّ هذه الآيات تشمل الوالدين المشركين هو ما ورد في بعضها من النهي عن قبول قولهما في الأمر بالشرك، فهذا يعني أنّ الله يعلّم الأولاد على التذلّل والتخشّع للوالدين ولو كانا من أشدّ أعداء الله وهم المشركون، لا لشيء إلّا للحقّ الأخلاقيّ الثابت لهما على الولد؛ لكونهما من المقدّمات الإعداديّة لوجوده؛ ولتحمّل الاُمّ عناء الحمل والوضع والرضاع، على الرغم من أنّهما قد يكونان قد فعلا ما فعلا، وتحمّلت الاُمّ ما تحمّلت لإرضاء رغبات نفسيّة لا أكثر


(1) س 9 التوبة، الآية: 7.

(2) س 17 الإسراء، الآية: 23 ـ 24.

(3) س 31 لقمان، الآية: 14 ـ 15.

(4) س 29 العنكبوت، الآية: 8.

(5) س 46 الأحقاف، الآية: 15.