المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

183

اكتشافاتهم خوفاً من الكنيسة، ولكن القرآن الكريم قد كشف اللثام عن هذه الحقيقة قبل قرون من وصول غاليلو إلى ذلك بقوله عزّ وجلّ: ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُون﴾(1).

وقد يتوهم البعض أنّ هذه الآية راجعة إلى يوم القيامة بقرينة الآية السابقة لها، وهي قوله: ﴿يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّور...﴾(2)، ولكن الواقع أنّه لو كان لابدّ من ربط الآية بما قبلها فهي مربوطة بما قبل آية القيامة، وهي قوله: ﴿أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا الليْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً﴾(3)؛ لأنّ في الآية قرائن قطعيّة تدل على أنّها راجعة إلى الدنيا لا إلى يوم القيامة:

فأوّلاً: قوله تعالى: ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَة﴾، فإنّ حسبان جمود الجبال إنّما هو في دار الدنيا، أمّا في يوم القيامة فسير الجبال أو تلاشيها واضح كما قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ﴾(4)، وقال: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً * فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً﴾(5)، وقال: ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوش﴾(6).

وثانياً: قوله تعالى: ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء﴾، فإنّ هذا يناسب الدنيا، ولا يناسب يوم القيامة الذي هو يوم هدم العالم وخرابه.

وثالثاً: قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُون﴾، فإنّه لو كان راجعاً إلى يوم القيامة كان المفروض أن يقول: إنّه خبير بما فعلتم.

 


(1) س 27 النمل، الآية: 88.

(2) س 27 النمل، الآية: 87.

(3) س 27 النمل، الآية: 86.

(4) س 81 التكوير، الآية: 3.

(5) س 20 طه، الآية: 105 ـ 106.

(6) س 101 القارعة، الآية: 5.