المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

185

كانت هذه الآيات تحمل على ذلك، وحينما كشف العلم بعد قرون أنّه ناتج من حركة الأرض التي كان قد أشار إليها القرآن في وقت نزوله بقوله: ﴿وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَاب﴾(1) اُوّلت الآيات على أنّها جريٌ وفق الإحساس الظاهري كما هو متعارف لدينا اليوم من أنّنا ـ برغم علمنا بأنّ حدوث الليل والنهار يكون نتيجةً لحركة الأرض حول نفسها دون حركة الشمس ـ نعبّر بــ«طلعت الشمس» و «غربت الشمس» في حين أنّ الشمس لا تطلع ولا تغرب، وإنّما الأرض هي التي تدور، فيتراءى لنا أنّ الشمس تطلع وتغرب. فحينما كان علم الهيئة المسيطر على عقول الناس ما يسمّى بالهيئة البطلميوسيّة كان الاعتقاد السائد أنّ الشمس ملصقة بالسماء الرابعة ومعلّقة بها، وتلك السماء وباقي السماوات ـ التي كانت تفترض من قبيل قشور البصل المطبق بعضها على بعض ـ تدور حول الأرض، فدوران الشمس حول الأرض ـ الذي يتمّ به الشروق والغروب ـ ليس في الحقيقة سبحاً للشمس بل الشمس ثابتة في محلّها من الفلك، والأفلاك أو السماوات هي التي تدور حول الأرض، وحينما انكشف أخيراً بالعلم أنّ الأرض هي التي تدور حول الشمس ظلّت الشمس أيضاً راكدة، إلى أن انكشف بعد ذلك أيضاً بوقت متأخّر أنّ للشمس عدّة حركات: حركتين ظاهريّتين وحركتين واقعيّتين:

أمّا الظاهريّتان: فإحداهما ما يتمّ به الشروق والغروب، والاُخرى ما يتم به طيّ المنازل الاثني عشر ضمن سنة كاملة، وبه يحدث الربيع والصيف والخريف والشتاء، وهاتان الحركتان ظاهريّتان؛ لأنّ واقعهما عبارة عن حركة الأرض حول نفسها بالقياس لحدوث الليل والنهار أو حول الشمس بالقياس لتبدّل الأبراج.

 


(1) س 27 النمل، الآية: 88.