المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

187

أمّا شاهدنا من هذه الآية المباركة في المقام فيمكن أن يكون أحد مقطعين:

أحدهما: قوله تعالى: ﴿كُلٌّ فِي فَلَك يَسْبَحُون﴾، فعلى رأي هيئة بطلميوس لا معنى لسبح الشمس والقمر ضمن الفلك؛ لأنّهما معلّقان ومتّصلان بالفلك أو بالسماء حسب اعتقادهم، وإنّما الذي يسبح في اعتقادهم هو نفس الفلك أو السماء.

ولعلّه يجاب على ذلك بأنّ الآية قد تكون جرت وفق الحسّ العادي للإنسان من حركة الشمس والقمر ضمن الفلك أو السماء، ولم يعلم كونها حكاية عن أمر لم يكن قد كشف عنه العلم.

ثانيهما: قوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم﴾، فهذا أيضاً ظاهره نسبة الحركة إلى ذات الشمس لا إلى الفلك أو السماء.

ولعلّه يجاب على ذلك أيضاً بأنّ التعبير في الآية قد يكون جارياً على ما هو محسوس للإنسان الاعتيادي من الحركة الدوريّة للشمس حول الأرض، ولم يعلم كونه حكاية عمّا لم يكن منكشفاً ذاك اليوم، فهي تحكي عن شروق الشمس وغروبها حول الأرض المستمرّين إلى يوم القيامة، وذاك يوم استقرارها؛ لأنّها تسكن من حركتها.

إلّا أنّه يجاب على ذلك بأنّ هذا خلاف ظاهر الآية الكريمة جدّاً، وذلك:

أوّلاً: لأنّ الجري غير الدوران، فالجري يحكي عن الحركة المستقيمة أو الطوليّة، والدوران يحكي عن الحركة الدائريّة، والآية تشير إلى الحركة الدائريّة للشمس بقوله: ﴿لاَ الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلاَ الليْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَك يَسْبَحُون﴾ ولكن قوله: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرّ لَّهَا﴾ إنّما يحكي عن الحركة الطوليّة.

وثانياً: لأنّ حمل كلمة ﴿مستقر﴾ في الآية على يوم القيامة خلاف الظاهر