المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

189

في حين أنّ ضمير التثنية في الآية يرجع إلى نفس السماوات والأرض، والدابّة تشمل كلّ ذي حياة وحركة من أصغر الذرّات إلى أكبر الحيوانات جثّةً.

ولا يبعد أن يكون قوله تعالى: ﴿أَ لاَّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْض﴾(1) حاكياً عن بعض إرهاصات الحياة في السماوات وهو النبات، فإنّ الآية وإن كانت تفسّر بإخراج ما هو مخبوء في الأرض وهي النباتات وما هو مخبوء في السماوات وهي الأمطار، ولكنّ هذا التفسير يبدو بعيداً عن الذهن؛ فإنّ الأمطار ليست مخبوءة في السماوات، بل هي البخار الذي صعد من الأرض ثمّ سال على شكل ماء، وأكبر الظن أن يكون المقصود بالمخبوء في السماوات أيضاً هي النباتات التي تُعدّ من إرهاصات الحياة وعلاماتها.

وذيل الآية كأنّها تخبر عن جمع كلّ الدوابّ سواء ما في الأرض أو ما في السماء ليوم يجمع فيه الناس وهو يوم القيامة؛ وذلك لأنّ الآية لم تعبّر بتعبير: «وهو على جمعهم إن شآء قدير» كي يقال: إنّ (إن) أداة شرط، ولا تحكي عن أنّه سوف يشاء، وإنّما عَبّر بقوله: ﴿إِذَا يَشَاء﴾ و(إذا) أداة ظرف، فكأنّ أصل المشيئة مفروضة وانّما الآية تقول: إنّ جمعهم في ظرف مشيئة الله مقدور.

والأصرح والأوضح من ذلك في حشر جميع الدوابّ وذوات الحياة بخصوص كرتنا قوله تعالى: ﴿وَمَا مِن دَآبَّة فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِر يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْء ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون﴾(2)، والأوضح


(1) س 27 النمل، الآية: 25.

(2) س 6 الأنعام، الآية: 38.