المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

192

رووه عن أبي هريرة) قال: «بينا عند رسول الله(صلى الله عليه وآله) اذ انتطحت عنزان، فقال النبي(صلى الله عليه وآله)أتدرون فيما انتطحتا؟ فقالوا: لا ندري، قال(صلى الله عليه وآله): لكن الله يدري وسيقضي بينهما».

رابعاً: تصريح القرآن بثبوت الخشية من الله في بعض الجمادات والأحجار بقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّه﴾(1)، فلئن كان الجماد ـ الذي يشكّل في تصوّراتنا الظاهريّة أخسّ مرتبة من المراتب المادّية في عدم الإحساس والشعور ـ يمتلك بصريح القرآن إحساس الخشية من الله، فما الذي يبعّد وجود مستوى من الشعور لدى الحيوانات ممّا يجعلها مسؤولة تجاه بعض نكات الحسن والقبح العقليين؟!

وبهذا البيان يتّضح مدى ظلم الإنسان وجهله الذي حمل الأمانة التي لم تحملها السماوات والأرض والجبال، ثمّ لا يخشى الله ويخون الأمانة ويوقع نفسه في مستوى أنزل من الحيوانات ومن الجمادات، ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الاَْمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاِْنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾(2).

وفي نهج البلاغة: «ثمّ أداء الأمانة، فقد خاب من ليس من أهلها، إنّها عرضت على السماوات المبنيّة والأرضين المدحوّة والجبال ذات الطول المنصوبة، فلا أطول ولا أعرض ولا أعلى ولا أعظم منها، ولو امتنع شيء بطول أو عرض أو قوّة أو عزّ لامتنعن، ولكن أشفقن من العقوبة وعقلن ما جهل من هو أضعف منهنّ، وهو الإنسان، إنّه كان ظلوماً جهولاً. إنّ الله سبحانه وتعالى لا يخفى عليه ما العباد مقترفون في ليلهم ونهارهم، لطف به خبراً وأحاط به


(1) س 2 البقرة، الآية: 74.

(2) س 33 الأحزاب، الآية: 72.