المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

197

بعد أستار ثلاثة(1) وفي كيس مليء بماء لزج، يجعل الجنين سابحاً في ذلك الماء فكأنّه لا وزن له؟! وتتحمّل تلك الفواصل ثمّ ذاك الماء كلّ الضربات المتوقعة، ويبقى الجنين سليماً في العادة إلى آخر لحظة، و﴿إِلَى قَدَر مَّعْلُوم * فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُون﴾ ثمّ ينفجر الكيس وينزل الماء؛ ليعقّم طريق خروج الجنين الذي لا يخلو عادة من تلوّثات، ويوسّع فوهة الرحم تمهيداً لخروجه بسلام(2).

ولملحد أو كافر أن يقول: من قال: إنّ الآية القرآنيّة تحكي عن هذه الدقائق؟ ولعلّ مقصودها بالقرار المكين المقدار المنكشف لكلّ انسان اعتيادي من أنّ الرحم واقع في جوف البطن فهو قرار مكين نسبيّاً. وأيضاً من قال: إنّ تقديم كلمة «السميع» على كلمة «البصير» تشير إلى تقدّم السمع على البصر؟ ومن قال: إنّ كلمة ﴿أَمْشَاج﴾ تشير إلى الاختلاط بين أكثر من مادّتين؟ وقد قالوا: إنّ صيغة الجمع تطلق على اثنين فصاعداً.

ولكن ماذا يقول عن رفع القرآن الستار عن مراتب تطوّر الجنين في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَار مَّكِين * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين﴾(3) ؟ فمن علّم الرجل الاُمّي(صلى الله عليه وآله) الذي عاش وترعرع ضمن المجتمع الجاهليّ الذي لا يعرف شيئاً اسمه العلم، ولا يجيد إلّا السباب والشتائم


(1) جدار البطن، وجدار الرحم، والكيس الذي فيه الجنين. راجع أيضاً هذا البحث في ما مضى من بحث القرار المكين للجنين ضمن برهان النظم على وجود الله سبحانه وتعالى.

(2) راجع في كلّ هذا پيام قرآن 8: 169 ـ 172.

(3) س 23 المؤمنون، الآية: 13 ـ 14.