المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

247

لابدّ أن تكون قائمة على أحد أساسين: إمّا على أساس أنّ تعيين الحاكم يكون بذاته من حقّ الاُمّة؛ كي ينتهى إلى حكم الاُمّة نفسها بنفسها وتتحقّق الديمقراطيّة، وإلّا لانتهينا إلى الدكتاتوريّة، فلا امتياز لإحد أو لفئة يصحح تسلطه أو تسلطهم على الناس، فحقّ التحكيم يكون لنفس الاُمّة.

وإمّا على أساس أنّنا وإن كنا نعترف بأنّه ليس الحكم إلّا لله، ولكنّ الله هو الذي أمرنا بالانتخاب والشورى، كما دلّت على ذلك آيتان مباركتان:

إحداهما ـ قوله تعالى:﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر﴾(1).

وثانيتهما ـ قوله تعالى:﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾(2).

إلّا أنّ الأساس الأوّل لا ينسجم مع مسلّمات الإسلام، فإنّ من المسلّم به في الإسلام أنّ حقّ الحكم لله وحده، قال الله تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّه﴾(3)، فليس الحكم ذاتاً لغيره سبحانه، ومن بيده الحكم من المخلوقين يجب أن يكون الله قد أعطاه ذلك.

هذا إضافة إلى أنّ الأخذ برأي الأكثريّة ليس عبارة عن حكم الناس أنفسهم بأنفسهم، بل لو طبّق ذلك حقّاً لكان عبارة عن تحكيم الأكثريّة على الأقليّة، فمن أين جاءت ولاية الأكثرية على الأقلية؟

والمؤمنون بالديمقراطيّة يجيبون بأنّ الأقلّيّة هي التي وافقت على تحكيم من انتخبته الأكثريّة، فليس الناخبون الذين لم يفز منتخبهم قد خسروا حقّ الحكم، فإنّ الأقلّيّة والأكثريّة قد توافقوا وتعاقدوا على تحكيم رأي الأكثريّة.

أقول: إنّ أقلّ ما يرد على ذلك أنّه ما ذنب من لم يعترف أساساً بهذا القانون،


(1) س 3 آل عمران، الآية: 159.

(2) س 42 الشورى، الآية: 38.

(3) س 6 الأنعام، الآية: 57، و س 12 يوسف، الآية: 40 و 67.