المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

298

فهو ما يخيّله الشيطان ولا تأويل له»(1).

الرواية الثانية التي تلوناها عليك تفصل بين مصطلح النفس ومصطلح الروح، فكأنّ الروح قصد بها ما قد يسمّى بالروح النباتية أو بالروح الحيوانية، وبها تتمّ تغذية البدن ونموّه، والروح بهذا المعنى لا تنفصل عن البدن بمجرّد النوم؛ ولذا ترى النائم يتغذّى جسمه بالطعام الذي دخل معدته قبل النوم وينمو جسمه، وتنقسم قوّة الطعام وتتوزّع على جميع أجزاء بدنه كما يتمّ ذلك في يقظته، وكذلك أثر الدواء الذي دخل المعدة أو العضلة أو الوريد يعمل عمله في النوم كما يعمل في اليقظة، ودوران الدم يبقى ساري المفعول في النوم، في حين أنّ الموت يفصل بين البدن وبين كلّ هذه الاُمور.

أمّا النفس فهي التي تنفصل عن البدن في حالة النوم، واشتراك النوم مع الموت يكون في ذلك، فلئن كان مركز تدبير الجسم من ناحية النموّ والتغذّي هي الروح والتي هي أمر مشترك بين الإنسان والحيوان والنبات فمركز الإرادة والعواطف والعلم هي النفس؛ ولذا ترى أنّ هذه الاُمور كلّها تنفصل عن الجسم بالنوم كما تنفصل بالموت.

والفهم الظاهري لنا عن الموت أنّه عبارة عن مجرّد الانفصال بين البدن والنفس أو الروح؛ ولهذا يرى الإنسان العادي أو الساذج أنّ الموت أمر عدمي، ولكنّ القرآن يصرّح بكونه أمراً وجودياً، وذلك في قوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور﴾(2). ولعلّ خير تعبير يوضّح لأفهامنا القاصرة معنى وجودية الموت بالمقدار الذي يتحمّله عقلنا قوله


(1) مجمع البيان في تفسيره في ذيل الآية الشريفة.

(2) س 67 الملك، الآية: 2.