المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

299

تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الاُْخْرَى﴾، فكأنّ الجانب العدمي للموت عبارة عن القضاء على الروح النباتية في الجسم، ولكن الجانب الوجودي له عبارة عن توفّي الله تعالى للنفس، وليس هذا قضاءً على النفس أو إعداماً لها، بل قبضه سبحانه وتعالى إيّاها هو أمر وجودي.

ولا تنافي بين نسبة التوفّي ـ وهو الأخذ أو الأخذ التامّ الكامل ـ إلى الله تعالى تارة كقوله عزّ وجلّ: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا﴾، وإلى ملك الموت اُخرى كقوله: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾(1)، وإلى الملائكة ثالثة كقوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ﴾(2)، ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِين﴾(3)، ﴿وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُون﴾(4)، ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُم﴾(5)، فإنّ ملك الموت رسول الله سبحانه وتعالى، والملائكة رسل ملك الموت وأعوانه.

ولا فرق في هذه النتيجة ـ وهي اشتمال الموت على ما يشتمل عليه النوم أيضاً من الجانب الوجودي، وهو توفّي الله سبحانه وتعالى وقبضه للنفس إليه ـ بين أن نختار أيّ الوجهتين في أصل ائتلاف النفس مع البدن، فإنّ هناك وجهتي نظر في تصوير ائتلافهما ـ بعد وضوح أنّه ليست نسبة النفس إلى البدن كنسبة


(1) ﴿وَقَالُوا ءَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الاَْرْضِ ءَإِنَّا لَفِي خَلْق جَدِيد بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ * قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُون﴾ س 32 السجدة، الآية: 10 ـ 11.

(2) س 47 محمّد، الآية: 27.

(3) س 16 النحل، الآية: 32.

(4) س 6 الأنعام، الآية: 61.

(5) س 6 الأنعام، الآية: 93.