المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

300

سائق العربة إلى العربة أو نسبة الهواء إلى الجلد، فالإخراج في قوله تعالى: ﴿أَخْرِجُوا أَنفُسَكُم﴾ لا يقصد به إلّا الفصل الذي يختلف معناه باختلاف فرض تصوير الوصل وبمناسبته ـ:

فالتصوير الأوّل: هو التصوير القائل بأنّ الله تعالى قد خلق النفس الإنسانية منفصلة عن البدن، ثُمّ جعل البدن تحت سلطانها، فالنفس هي التي تحمل البدن وليس العكس. وتشهد لذلك روايات أنّ الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام(1). وتشهد لذلك شهادة الذين يدّعون امتلاك الموت الإرادي ويرون أحياناً أجسادهم منفصلة عن أنفسهم، والله العالم بحقيقة الحال.

والتصوير الثاني: هو التصوير القائل بأنّ امتلاك الإنسان للنفس ليس إلّا تطوّراً جديداً له بحسب التكامل الذي يتمّ له بقدرة الله في الرحم خلال ما يسمّى بمرحلة ولوج الروح والمعبّر عنها في القرآن بقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين﴾(2).

وقد اختار الشيخ السبحاني ـ حفظه الله ـ التصوير الثاني مستدلاًّ بهذه الآية المباركة التي عبّرت عن مرحلة ما يسمّى بنفخ الروح بـ﴿ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَر﴾، أي أنشأنا الإنسان خلقاً جديداً، فلم يفترض أنّ النفس كانت مخلوقة من قبل وسلّطت على البدن بل افترض أنّ إنشاءه ـ وهو يعني إيجاده ـ كان بعد تكامل النطفة ضمن المراحل السابقة التي أشارت إليها الآية المباركة(3).

 


(1) راجع البحار 61، الباب 43 من كتاب السماء والعالم.

(2) ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الاِْنسَانَ مِن سُلاَلَة مِّن طِين * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَار مَّكِين * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين﴾. س 23 المؤمنون، الآية: 12 ـ 14.

(3) راجع منشور جاويد 4: 217 ـ 218.