المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

378

﴿وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى﴾(1).

وليس معنى إذن الله للشفعاء أنّه أعطاهم الحرّيّة في ذلك، أو أنّه يتقبّل منهم ذلك على أساس خصوصيات علاقاتهم ليتقرّب الناس منهم بالوسائل الخاصّة التي تثير مشاعرهم وتؤكّد علاقاتهم بهم بشكل شخصي كما هي الأشياء الشخصية، بل إنّ معنى ذلك أنّ الله جعل لهم هذه الكرامة ليستعملوها في ما يوافق رضاه؛ لأنّ المفروض أنّ رضاهم لا ينفصل عن خط رضاه، كما أنّ رضاه يتحرّك في آفاق حكمته لا في آفاق رغبات القريبين إليه بالمعنى الذاتي للمسألة.

وفي ضوء ذلك فإنّ الاستشفاع بالأنبياء والأولياء لا يمثّل خروجاً عن توحيد الاستعانة بالله؛ لأنّه يرجع في الحقيقة إلى طلب المغفرة من الله، والنجاة من النار من خلال ما اقتضته إرادة الله وحكمته في ارتباط عفوه بشفاعة هذا النبيّ أو الوليّ على أساس ما أراده الله من حكمته في ذلك»(2).

وحاصل هذا الكلام: أنّ الشفاعة لا تعني استجابة الله تعالى لرغبة الشفيع في المغفرة رغم عدم المغفرة لولا الشفاعة، وإنّما تعني أنّ الله تعالى حينما قرّر المغفرة لفلان أراد من الشفيع أن يشفع له حتّى تتم مغفرته إيّاه باسم طلب هذا الشفيع، وذلك نوع تكريم وتعظيم للشفيع.

أقول: إنّ الشفاعة الشكلية ـ حسب تعبيره ـ ينبغي أن يطيّب بها خاطر الأطفال ويكرّموا بها، لا خاطر الأنبياء والأوصياء والأولياء، ولا معنى لافتراضها مقاماً محموداً ولا لادّخارها لأهل الكبائر، فأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل.

 


(1) س 21 الأنبياء، الآية: 28.

(2) من وحي القرآن 25: 66 ـ 69.