المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

379

ولئن فرض العجز عن حلّ إشكالات الشفاعة بمعناها الحقيقي فليس الطريق المعقول سلوكه هو القول بالشفاعة الشكلية، وإنّما الطريق الذي يكون سلوكه أكثر منطقية عندئذ هو إنكار الشفاعة لا سمح الله.

ولحل مشكلة الشفاعة أحد طريقين لا ثالث لهما:

الأوّل: ما ذهب إليه المرحوم الشهيد الشيخ المطهّري(قدس سره) من أنّ الشفاعة وإن كانت أمراً حقيقياً وليست أمراً صورياً وشكلياً ولكنّها طريق تكوينيّ لنزول الرحمة والمغفرة والتطهير من قبل الله تعالى إلى العبيد، فهي تبدأ من الله وتنتهي إلى العاصي عن طريق الأنبياء والأوصياء والأولياء والمؤمنين، بخلاف ما هو المتعارف في الدنيا من الشفاعة بين الناس ممّا يبدأ بالعاصي بطلبه من الشفيع، وينتهي بالحاكم أو السلطان ممّن له العقاب، فيعفو عن الذنب ويرفع عنه العقاب.

الثاني: ما يعني الالتزام بأنّ الشفاعة حتّى في ما لو بدئ بها عن طريق طلب المذنب وإلحاحه على الشفيع أو زيارته إياه أو نحو ذلك، لكنها في الحقيقة إثابة للمولى سبحانه على حسنات الشفيع، فيستجيب لشفاعته شكراً لما له من مقامات عالية إلهيّة، وليس ذلك بمعنى أن يتقبّل الله منه شفاعته لسحق حقّ مظلوم كما يتفق في الدنيا، بل إنّ الحق الذي يغفر للمذنب بطلب الشفيع إمّا أن يكون حقّاً إلهياً يتنازل الله تعالى عنه إثابةً للشفيع، أو يكون حقّاً من حقوق الناس يُرضي الله صاحبه بتعويضه إيّاه بما لا عينٌ رأت ولا اُذن سمعت، فصاحب الحق يتنازل عن حقّه طلباً لذلك التعويض.

وقد ورد في الحديث على ما رواه السيّد الطباطبائي(قدس سره) في تفسيره عن تفسير الفرات عن بشر بن شريح البصري قال: «قلت لمحمّد بن عليّ(عليه السلام): أيّة آية في كتاب الله أرجى؟ قال: فما يقول فيها قومك؟ قلت: يقولون:﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ