المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

382

الهلاك في يوم القيامة، فأرجى آية هي الآية التي لم تستثن أحداً من المذنبين غير التائبين من أمل المغفرة إلّا المشرك ومن بحكمه، فمن عداهم من العاصين قد فتح الله بشأنه أمل النجاة بإبداء احتمال تعلّق مشيئة الله بالعفو عنه؛ إذ لم يحتّم عدم العفو عن غير التائب إلّا عن المشركين.

وهذه الآية أعني قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء﴾ تجعل المؤمن بين الخوف والرجاء مهما كثرت ذنوبه وموبقاته مادام هو مؤمناً وليس مشركاً.

وروي في مجمع البيان في ضمن تفسير الآية عن مطرف بن شخير: أنّ عمر ابن الخطّاب قال: «كنّا على عهد رسول الله(صلى الله عليه وسلم) إذا مات الرجل منّا على كبيرة شهدنا بأنّه من أهل النار، حتّى نزلت الآية فأمسكنا عن الشهادات».

وثالثة ينظر إليها من زاوية النجاة من دون استحقاق، وعندئذ فأرجى آية هي آية الشفاعة بلا إشكال، فإنّ النجاة لو كانت باستحقاق نفس العاصي لم يكن في نجاته بحاجة إلى الشفاعة، والوحيد الذي يستفيد العاصي منه باستحقاق غيره هي الشفاعة التي أشرنا إلى أنّ قبولها في الحقيقة مكافأة للشفيع على حسانته.

هذا وهنا بمناسبة آية ﴿يَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء﴾ أروي هذه الرواية: حينما قدم وحشي قاتل حمزة عمّ الرسول(صلى الله عليه وآله) إلى مكة أرسل هو وأصحابه كتاباً إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّا قد ندمنا على الذي صنعناه، وليس يمنعنا عن الإسلام إلّا أ نّا سمعناك تقول وأنت بمكّة: ﴿وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ