المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

65

القرآن بتعبير متميّز عن باقي المراحل فقال: ﴿ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَر﴾. وقد ورد في الحديث عن الإمام الباقر(عليه السلام) تفسير إنشائه خلقاً آخر بنفخ الروح فيه(1). وطبعاً المقصود بذلك نفخ الروح الإنسانية، فلا ينافي ذلك ما لا يشكّ فيه العلم من حياة الجنين من أوّل يومه حياة أشبه بالحياة النباتية، فترى الجنين يمتلك في مرحلة معيّنة من الحسّ والحركة ما لم يكن يمتلكهما من قبل. ويحكم الفقه على من قتله بالدية الكاملة بينما لم يكن يحكم بذلك من قبل. ثُمّ عبّر القرآن لتبجيل هذا الخلق في هذه المرحلة الجديدة وتبريكه بتعبير لم يعبّر عنه في أيّ خلق آخر وهو قوله تعالى: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِين﴾ وحتّى خلق السماوات والأرض الذي وصفه الله تعالى بأنّه أكبر من خلق الناس(2) لم يبارك له الله بتعبير كهذا.

نزرٌ يسير من آيات الحكمة في الجنين:

1 ـ مقرّ الجنين:

﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَار مَّكِين﴾(3).

أيّ قرار أمكن له وأحفظ من الصدمات ممّا وقع بين سلسلة الفقرات والأضلاع والخاصرتين وعظام الظهر وعضلات البطن من ناحية وجعل في مشيمة مليئة بماء لزج من ناحية اُخرى، فيعلّق في هذا الماء الذي يأخذ عنه ثقله فيأمن من الضغوط التي قد تتجه إلى بدن الاُم أو بطنها، فلا تؤثّر فيه على رغم من نعومته ودقّته، وأيضاً يحفظ له هذا الماء وهذه المشيمة ضمن درجة حرارة في مستوى معتدل أمام الحرارة أو البرودة التي قد يتعرّض لها جسم الاُم


(1) راجع پيام قرآن 2: 77 نقلاً عن تفسير نور الثقلين 3: 541، الحديث 56 و57.

(2) إشارة إلى الآية: 57 من سورة (40) غافر.

(3) س 23 المؤمنون الآية: 13.