المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

89

والأولى عندي جعل هذا غصناً خامساً لأصل التوحيد، فهو يشبه التوحيد في العبادة مثلاً الذي جعل غصناً برأسه، ولا يناسب جعله غصناً للتوحيد الأفعالي، فليس حقّ الطاعة فعلاً من أفعاله سبحانه وتعالى.

وكما قلنا في التوحيد الأفعالي ـ بمعنى لا مؤثر في الوجود إلّا الله ـ: إنّ هذا لا ينافي التوسل بالمعصومين؛ لأنّ تأثيرهم لا يكون إلّا بإذن الله لا باستقلالهم، كذلك نقول هنا: إنّ التوحيد في حقّ الطاعة لا ينافي وجوب طاعة المعصومين؛ لأنّ طاعتهم ليست لهم باستقلالهم بل بإذن الله سبحانه وتعالى وبإيجابه علينا طاعتهم كما قال سبحانه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُول إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّه﴾(1).

والنقص الذي كان في توحيد إبليس(2) هو في إيمانه بالاُلوهية والطاعة؛ حيث اعترض على الله تعالى في حكمه عليه بالسجود لآدم(عليه السلام) وقال: ﴿خَلَقْتَنِي مِن نَّار وَخَلَقْتَهُ مِن طِين﴾(3)، وقال أيضاً:﴿أَنَا خَيْرٌ مِّنْه﴾(4)، وهذا يعني أنّه لم يعترف بحقّ الطاعة لله تعالى بحجّة أنّه يحكم بغير الحقّ فيأمر الفاضل أن يسجد للمفضول، وهذا هو الذي سبّب سقوط إبليس من مقامه الشامخ وانتهاء أمره إلى مستوى أن قال الله تعالى في خطابه إيّاه:﴿وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّين﴾(5)، وقال: ﴿لاََمْلاََنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِين﴾(6)، فقد انتهى إبليس إلى أسفل السافلين بسبب عدم خضوعه للتوحيد في الاُلوهيّة والطاعة بالرغم من تماميّة توحيده في الخلق وفي الربوبيّة وفي العبادة.


(1) س 4 النساء، الآية: 64.

(2) راجع بهذا الصدد كتاب معارف قرآن 1: 55 ـ 57.

(3) س 7 الأعراف، الآية: 12.

(4) س 38 ص، الآية: 76.

(5) س 38 ص، الآية: 78.

(6) س 38 ص، الآية: 85.