المولفات

المؤلفات > أساس الحكومة الإسلاميّة

133

ناظرة الى جانب الاستضاءة بآراء الآخرين والاسترشاد بتجاربهم ـ وهو المحتمل الثالث ـ بالجمع بينها نفهم وجوب قيام الفقيه بالتشاور في الأمور المختلفة والاستعانة بأفكار الآخرين. لا بمعنى العمل برأي الأكثرية مثلاً، بل لمجرد الاستضاءة والقرب من الحقيقة وتكثير الخبرات.

وحينئذ فلا ينبغي حمل الشورى على لزوم معرفة آراء جميع من يهمهم موضوع الشورى وكل من كان الأمر أمرهم، وإنما تجعل ناظرة لمبدأ عقلائي يدعو الى تجميع الخبرات المختلفة وملاحظة آراء الآخرين قبل الإقدام على العمل.

ومن الواضح أن هذا المبدأ العقلائي لم تلحظ فيه مسألة إحصاء آراء كل من له صلة بالموضوع المشاور عليه، فإن هذا هو مقتضى عقلية أنصار الديموقراطية التي تجعل لكل من يكون الأمر أمره الحق في إبداء رأيه وتقرير مصيره، لا عقلية السعي لمعرفة السبيل الأصلح والواقع عن طريق الاستنارة بالعقول والخبرات، إذ الاستشارة تتحقق ـ في كثير من الأحيان ـ ضمن المشورة المركزة والبحث وتبادل الآراء بين مجموعة خاصة، ولربما كانت فرص الوصول الى الواقع من خلال هذه المشورة الخاصة أكبر بكثير منها عند إحصاء الآراء، اللهم قد يتفق ترتب أثر على كون عدد الراغبين في الموضوع المشاور عليه أو نسبتهم المئوية عالية، وهذا أمر آخر.