المولفات

المؤلفات > أساس الحكومة الإسلاميّة

186

ملاحظة مصالح المولّى عليه في التصرف في أمواله(1)، لما قلنا من أن الولاية جعلت في حدود سد نقص المولّى عليه وجبران



في كل شيء بحسبه؛ فالرجوع إليهم في أوامرهم يكون بالالتزام بها وامتثالها، والرجوع إليهم في أموال القاصرين عبارة عن تنفيذ تصرفاتهم أو التصرف الحاصل برأيهم فيها، أما اطلاق الأمر بالطاعة في الآية الكريمة ورواية أحمد بن اسحاق فقد يقال: انه لا يشمل غير امتثال الأمر فهو لا يدل على أنه يجوز للفقيه أو لولي الأمر أن يتصرف في أموال القاصرين أو على نفوذ التصرف الصادر برأيه.

ولكن العرف حينما يجمع بين دليل حق طاعة الأمر لشخص وأصل ضرورة وجود ولي للقاصر في أمواله، يفهم ثبوت حق التصرف له فيها بعنوان الولاية. فهذا التشكيك في الاطلاق تشكيك عقلي وليس عرفياً.

(1) والظاهر كفاية مراعاة عدم الضرر (وأقصد بالضرر ما يشمل فوات المصلحة)، فإن المفهوم عرفاً من الولاية ـ كما قلنا ـ هو ما يجعل المولّى عليه كأنه غير قاصر وكأنه ملئ نقصه، والإنسان غير القاصر لا يشترط في فعله المصلحة والرجحان على الترك؛ فلو أقدم على الفعل ـ لأي دافع نفسي ـ ولم يكن تركه أفضل لم يكن عمله سفيهاً أو على خلاف موازين المصلحة والمفسدة، رغم أننا نفرض أن الفعل أيضاً لم يكن ذا مصلحة عقلانية.

وأما ما جاء بشأن اليتيم من قوله تعالى: ﴿ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي أحسن. (سورة الأنعام:152) فلعله ـ بمناسبات الحكم والموضوع ـ يعطي معنى لا ينافي ما ذكرناه، لأن النكتة الارتكازية لجعل هذا الحكم هي لحاظ مصلحة اليتيم وحاله، وواضح أن لا مصلحة بلحاظ حال اليتيم في تحريم العمل حينما يساوي تركه، فلو كان دليل الولاية مطلقاً من هذه الناحية لم يمكن تخصيصه بالآية.