المولفات

المؤلفات > أساس الحكومة الإسلاميّة

92

للشورى، وهي تصلح جميعها لكل الظروف والعصور، فلم يشأ الاسلام أن يعين أحدها دون غيره، لأن ذلك سيكون ترجيحاً بلا مرجح وإلزاماً بلا ملزم. ويختلف نظام الشورى عن سائر النظم الاجتماعية والاقتصادية وغيرها في الموارد التي يمكن الحكم فيها بالتخيير بفارق مهم، هو:

ان الاسلام عندما يواجه مشكلة اجتماعية أو اقتصادية لها أسلوبان صالحان للحل على مستوى واحد مع إمكانية التخيير، فإنه يخير الناس بينهما، فيرتفع النقص. أما بالنسبة لمجال الحكم والشورى والتصويت، فإنه لم يكن بالإمكان الحكم بالتخيير بين نظامين معينين مثلاً، رغم ان كلاً منهما يحل المشكلة! وذلك على أساس أن الناس قد يختلفون في اختيار أحدهما دون الآخر، فلا نصل بالتالي لحل أساس يقيم أود الدولة، ويسير بالمجتمع سيراً موحداً نحو أهدافه. ولهذا لم يشأ الاسلام ان يعين شكلين مثلاً للتخيير، فالتزم الاسلام جانب الاهمال، وإنما ترك تعيين الأشكال والقواعد للناس.

ولنقتصر في الجواب على هذا بتوضيح أنه بإمكان الاسلام أن يعين أحد الأنظمة ـ ولو على أساس الترجيح بلا مرجح ـ وهو أمر جائز في الأفعال الاختيارية، فالله تعالى يختار بلا مرجح أحد الأنظمة (التي يفرض أنها جميعاً تحل المشكلة)، وذلك تفادياً لبقاء الاسلام على نقصه وعدم اهتداء الناس الى أسلوب موحد صحيح،