المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

138

أقول: إنّ الفرق أصبح واضحاً بالبيان الذي ذكرناه، فجواز القتل قصاصاً كان لأجل وليّ الدم ولمصلحته، وجواز قتل الكافر كان لخسّة الكافر وعدم حرمته. وجواز الفسخ بالخيار كان في نظر العقلاء لمصلحة الفاسخ. وكلمة الخيار الواردة في لسان الأدلّة تعني اختيار صاحب الحقّ، وتشير ـ في الفهم العرفيّ ـ إلى النظر إلى مصلحة ذي الحقّ، وعندئذ يحكم الارتكاز العقلائيّ بقبوله للإسقاط، بينما لم يعبّر عن جواز فسخ الهبة في لسان الدليل بعنوان خيار للواهب، بل فرض حالة راجعة إلى ذات الهبة، وهي كونها عقداً متزلزلا. ولا يفهم من هذا اللسان أنّ الجواز إنّما جعل لأجل الواهب ولصالحه وإن كان حقّ الحضانة قد لوحظت فيه مصلحة الاُمّ، فلا إشكال في أنّه ليس متمحّضاً في مصلحة الاُمّ، بل لوحظت فيه مصلحة الطفل أيضاً بلا شكّ، وهذا بخلاف حقّ الشفعة وحقّ الخيار. وبهذا يظهر الكلام في مثل حقّ الاُبوّة أو الولاية وأشباههما. هذا كلّه في جواز الإسقاط.

 

الضابط العقلائي لجواز النقل والإرث:

وأمّا جواز النقل أو الإرث فأيضاً يمكن أن يستنبط من كلام المحقّق الإصفهانيّ (رحمه الله)(1) له ضابط ارتكازيّ للعقلاء، وهو أنّه إن وجدت في ذي الحقّ خصوصيّة ترى بالنظر العقلائيّ أنّها مقوّمة للحقّ لم يجز نقله إلى غيره ممّن لا يملك تلك الخصوصيّة، وإن نفيت مقوّميّة الخصوصيّة بالنظر العقلائيّ جاز.

فحق الولاية المعطى للحاكم أو للأب يُرى عقلائيّاً أنّه لخصوصيّة في الحاكم أو الأب، فلا معنى لنقله إلى الغير. وكذلك حقّ الوصاية التي أوكلها الميّت


(1) راجع تعليقته على المكاسب (فائدة في تحقيق حقيقة الحقّ): 12.