المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

146

فارق جوهريّ بينهما. نعم، هما يختلفان في شيء غير جوهريّ، وهو أنّ المدين ـ أي مَن عليه الحقّ ـ في الحقّ الشخصيّ هو شخص معيّن أو أشخاص معيّنون، وفي الحقّ العينيّ هم جميع الناس عدا الدائن، ولهذا يمكن اعتبار الحقّ العينيّ حقّاً شخصيّاً عامّاً من حيث المدين.

وأجاب على ذلك الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوريّ بجوابين(1):

الجواب الأوّل: صحيح أنّ الحقّ العينيّ يشتمل على جانب عامّ، وهو أنّه يجب على الجميع احترامه ولا يجوز لهم هتكه، إلّا أنّ هذا ليس هو امتياز الحقّ العينيّ عن الحقّ الشخصيّ كما تخيّله صاحب الإشكال، فإنّ هذا ثابت حتى في الحقّ الشخصيّ، فحقّ المقرض على المقترض مثلا يجب على الناس جميعاً احترامه، ولا يجوز لأحد أن يحرّض المدين على الامتناع عن أداء الدَين مثلا، وإن فعل ذلك كان مسؤولا عن التدارك، فالحقّ العينيّ والحقّ الشخصيّ مشتركان في الجانب العامّ، ولكنّ الحقّ الشخصيّ يزيد على الحقّ العينيّ في أمر جوهريّ، وهو ثبوت الجانب الخاصّ من حيث المدين إلى هذا الجانب العامّ الذي تقدّم ذكره، ففي كلّ حقّ شخصيّ يوجد مدين معيّن أو مدينون معيّنون هم الذين يباشر الدائن سلطته على الشيء محل الحقّ بوساطتهم، ولا وجود لهؤلاء في الحقّ العينيّ، وهذا فرق جوهريّ ما بين الحقّين تترتّب عليه نتائج هامّة سيأتي ذكرها.

وإذا اعتدى شخص بالذات على الحقّ العينيّ فأصبح مسؤولا عن تداركه فهذا الشخص ليس مسؤولا بموجب الحقّ العينيّ ذاته، بل بموجب التزام شخصيّ


(1) الجواب الأوّل موجود في الجزء الأوّل من الوسيط: الفقرة 3، وكلا الجوابين موجودان في الجزء الثامن منه: الفقرة 97.