المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

151

أقول: لا إشكال في أنّ الشفعة تختلف عن العقد في أن العاقد لا يعقد رغم أنف الطرف الآخر، بل يعقد برضاه، بخلاف الشفيع الذي يطالب ببطلان البيع رغم البائع. وكذلك الشفعة تختلف عن العقد وعن الحيازة في أنّ ممارسة العقد أو الحيازة جائزة لكلّ أحد بخلاف الشفعة التي لا تكون إلّا للشريك، فلو فرضت الشفعة حقّاً عينيّاً أو شخصيّاً لا ينقض بالعقد أو الحيازة. وأمّا أنّ الشفيع يطالب بملكيّة العقار لا بالشفعة فيرد عليه:

أوّلا: أنّ الشفيع لا يطالب بملكيّة العقار وإنّما يطالب بالجامع بين ملكيّة العقار ورجوعه بالفسخ إلى البائع، ومن هنا كان وسطاً بين الحقّ العينيّ والحقّ الشخصيّ؛ لأنّ الفسخ عمل يلزم به البائع وتملّك العقار أمرٌ متعلّق بالعين.

وثانياً: أنّه لو كان الشفيع يطالب بملكيّة العقار لكانت الشفعة عبارة عن حقٍّ أن يمتلك لا أنّها تخرج عن كونها حقّاً، ولا ينقض بالعقد أو الحيازة، لما عرفت من أنّهما لا يختصّان بشخص دون شخص، بخلاف حقّ الشفعة.

وذكر السنهوريّ ـ بعد تثبيته لعدم كون الشفعة حقّاً ـ: والذي ضلّل الناس في أمر الشفعة هو أنّها تجعل الشفيع بالنسبة إلى العين المشفوع فيها في منزلة مَن له الحقّ في أنْ يمتلكها، وهذه منزلة وسط بين مجرّد الرخصة في التملّك حيث يكون الشخص أجنبيّاً عن الشيء، وحقّ الملكيّة الكامل حيث يكون للشخص حقّ عينيّ في الشيء. ونظير ذلك شخص صدر له إيجاب البيع، فهو أيضاً في منزلة وسطى بين من له مجرّد الرخصة في الشراء قبل صدور الإيجاب وبين المشتري الذي أصبح مالكاً عند تمام البيع(1).


(1) الوسيط الجزء 1، الفقرة 33، الهامش.