المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

342

ولا يبقى من العقود العينية إلّا الوديعة وهنا يسلّم كاپيتان أنّ الوديعةبطبيعتها عقد عيني ملزم لجانب واحد إذا كانت بغير أجر، ويرى أنّ سبب التزام المودع عنده ليس هو تسليم الشيء إذ يختلط بذلك السبب الانشائي بالسبب القصدي بل هو رغبة المودع عنده في أنْ يسدي جميلا للمودع، أمّا إذا كانت الوديعة بأجر فقد أصبحت عقداً ملزماً للجانبين وصار سبب كل التزام هو تنفيذ الالتزام الآخر(1).

وأمّا عقود التبرع فسبب الالتزام هو نيّة التبرع ذاتها كما تقرر النظرية التقليدية ولا تختلط هذه النيّة بالرضا كما يقول خصوم السبب، فانّ إرادة الواهب يمكن تحليلها إلى عنصرين:

العنصر الأوّل هو إرادته أن يلتزم وهذا هو (الرضا) والعنصر الثاني هو إرادته أن يكون الالتزام دون مقابل وعلى سبيل التبرع وهذا هو (السبب) يتميّز عن الرضا كما نرى. والدليل على ذلك أنّ العنصر الأوّل وهو الرضا بالالتزام قد يثبت وجوده دون ان يثبت وجود السبب وهو نيّة التبرع كما إذا كتب شخص سنداً بدين في ذمته لآخر ثم استطاع أن يثبت أن هذا الدين لا وجود له فانّه يبقى بعد ذلك أن يثبت الدائن نية التبرع في جانب المدين حتى يستوفي منه قيمة السند فهذا مثل نرى فيه رضا المدين بالالتزام ثابتاً دون أن تكون نيّة التبرع عنده ثابتة، على أن كاپيتان لا يقف عند نيّة التبرع بل يجاوزها إلى الباعث الدافع فيجعله هو السبب في ثلاث حالات:


(1) وإن شئت كلامه في سائر العقود الملزمة لجانب واحد فراجع الوسيط 1: 490، ما ورد تحت الخط، الفقرة 274.