المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

345

والجواب: أنّه في المثال الثاني تغنينا قواعد الصوريّة عن نظرية السبب فالسند صوري والدين لا وجود له فيما بين الطرفين ولم يقم عقد حقيقي في المقام كي نحتاج في إبطاله إلى نظرية السبب. أمّا بالنسبة إلى الغير (حامل السند) فيؤخذ باعتماده على العقد الظاهر وأمّا فيما ذكر من مثال الإكراه فأيضاً من السهل أن نصل إلى النتيجة ذاتها وهي البطلان عن غير طريق نظرية السبب لانّنا إذا اعتبرنا السند تصرفا صادراً عن إرادة منفردة فهو التزام بدفع مبلغ واجب بعقد القرض، ولما كان هذا المبلغ لا وجود له فمحل الالتزام معدوم فيسقط الالتزام بفقدان المحل لا بفقدان السبب، وإذا اعتبرنا السند هو عقد القرض ذاته فالتزام المقترض يكون متقابلا لالتزام المقرض ولا بد من أن يتسلم المقترض مبلغ القرض حتى يلتزم بردّه ومن دون تسلّمه إياه يسقط التزامه إمّا لأنّ القرض عقد عيني لم يتم بالتسليم وإمّا لأنّ القرض عقد رضائي (وفقاً للتقنين الجديد) لم يقم فيه المقرض بتنفيذ التزامه وهما التزامان متقابلان ومترابطان يسقط أحدهما عند عدم تنفيذ الآخر.

وبشكل عام نقول: إنّ الالتزام في العقد الملزم للجانبين سببه حسب النظرية التقليدية هو الالتزام المقابل، ولكن ما أيسر علينا أن نستبدل بفكرة السبب هذه فكرة الارتباط التي قال بها بلانيول فنفس التقابل بين الالتزامين يوجب سقوط أحدهما بسقوط الآخر أو عدم تنفيذه بلا حاجة إلى نظرية السبب، بل لعلَّ فكرة الارتباط والتقابل من الناحية الفنيّة أدق من فكرة السبب ذلك أنّ انعدام السبب جزاؤه البطلان كما هو معروف فإذا انعدم السبب عند تكوين العقد أو بعده كان من الواجب أن يكون الجزاء واحداً في الحالتين ولكننا نرى أنّ العقد يبطل في الحالة الاُولى ويفسخ في الحالة الثانية وفي هذا التفريق عيب فنّي