المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

346

واضح. أمّا فكرة الارتباط والتقابل فأكثر مرونة من فكرة السبب وهي تسمح بأن نقول بالبطلان إذا انعدم أحد الالتزامين المتقابلين عند تكوين العقد إذ منطق الارتباط يقتضي عندئذ البطلان وتسمح في نفس الوقت بان نقول بالفسخ إذا انقطع أحد الالتزامين المتقابلين بعد أن وجد(1).

 


(1) التفريق بين فكرة السبب وفكرة الارتباط يكون بحاجة إلى بيان أعمق وأكثر فنيّة من هذا المقدار من البيان وذلك بتوضيح نقطتين أوّلا توضيح إنّ فكرة السبب غير فكرة الارتباط وليس الفرق في التعبير فقط، وثانياً توضيح أنّه لماذا يجب أن يكون الجزاء في نظرية السبب عند فقدان الالتزام المقابل وقت التكوين وبعده واحداً ولكن فكرة الارتباط تسمح باختلاف الجزاء في الحالتين؟

أمّا النقطة الاُولى ـ فبالإمكان أن يقال: انّ فكرة السبب تستبطن مفهوم الداعوية بينما فكرة الارتباط لا تستبطن أكثر من التقابل بين الالتزامين وربط أحدهما بالآخر، وعلاقة الارتباط أخفّ من علاقة الداعوية ولذا يمكن أن يفترض في مورد مّا عدم تحقق الداعوية المنحصرة رغم تحقق الارتباط كما لو فرضنا أنّ البائع كان مصمّماً على أن يلتزم بدفع العين إلى صاحبه ولو مجّاناً ومن دون ثمن لأنّ وجود العين عنده يكون ضارّاً بحاله أو لأنّه يحبْ أن يتمتع صاحبه بهذه العين حتى لو لم يلتزم بدفع الثمن إليه أو لأي سبب آخر، ولكن بما أنّ البيع كان أنفع له من الهبة والتبرع لأنّه يحقّق له هدف دفع العين إلى صاحبه زائداً الحصول على قيمة العين اختار البيع فقد أصبح التزام المشتري بدفع الثمن مقابلا لالتزام البايع بدفع العين ومرتبطاً به من دون أن يكون سبباً وداعياً إليه بشكل منحصر، وهذا بنفسه يبرهن حسنة لفكرة الارتباط تمتاز بها عن فكرة السبب لأنّها أوسع وأشمل بخلاف فكرة السبب التي لا تصدق في جميع موارد العقد الملزم للطرفين إذ في المثال الذي ذكرناه يوجد داع آخر مستقل لالتزام البايع بالثمن فإذا انفقد التزام المشتري الذي هو في أحسن الأحوال ليس إلّا داعياً غير منحصر وقد لا يكون إلّا جزء الداعي في مقابل داع آخر مستقل فليس المفروض أن يكون