المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

348

وأمّا في التبرعات فقد قالت النظرية التقليدية: إنّ السبب في التبرعات هو نيّة التبرع فإذا لم تكن هذه النيّة موجودة لم يقم التزام المتبرع لانعدام السبب. ولكن الواقع ان الرضا بالتبرع لا ينفك عن نيّة التبرع فإذا انعدمت نيّة التبرع بطلت الهبة بفقدان الرضا بها لا بفقدان السبب(1).

هذا كله بلحاظ الشرط الأوّل وهو شرط وجود السبب. وأمّا صحة السبب وهي الشرط الثاني فالسبب غيرالصحيح كمارأينا إما سبب موهوم أو سبب صوري.

أمّا في السبب الموهوم فدائماً يمكن الاستغناء عن نظرية السبب بنظرية المحل لأنّ العاقد قد توهّم وجود المحل وهو غير موجود فالشخص غير الوارث الذي تخارج مع وارث يتعامل في حق معدوم، وهذا حال دائن التركة الذي يحصل على إقرار بالدين بعد أن استوفاه، وحال الموصى له الذي يتعامل في الموصى به إذا كانت الوصية باطلة أو كان الموصي قد عدل عنها، وحال الدائن الذي يجدّد ديناً قديماً بعد أن يستوفيه.

وأمّا السبب الظاهر الصوري فقد رأينا أنه لا يُبطل العقد إلّا إذا كان يخفي سبباً موهوماً أو سبباً غير مشروع، وقد فرغنا عن السبب الموهوم وننتقل الآن إلى السبب غير المشروع.

وأمّا مشروعية السبب وهي الشرط الثالث فمن السهل أن نستغني عن


(1) وأمّا ما مضى عن كاپيتان من الجواب على ذلك بأنّ نيّة التبرع غير الرضا فقد يرضى أحد بالالتزام من دون نيّة التبرع فجوابه: أنّ التبرع صنف من العقد غير عقود الالتزام التي ليست تبرعية فلو أمضى سنداً بدين في ذمته لآخر بدافع ردّ القرض مثلا ثم تبيّن عدم وجود الدين كان عقد التبرع باطلا بفقدان الرضا به والالتزام بأداء الدين باطلا بفقدان المحل أو بفقدان الالتزام المتقابل له.