المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

349

السبب المشروع في العقود الملزمة للجانبين بفكرة الارتباط التي مضت فمن يتعهّد بارتكاب جريمة في مقابل مبلغ من النقود لا يقوم التزامه لعدم مشروعية المحل وكذلك لا يقوم الالتزام المقابل لا لعدم مشروعية سببه بل لارتباطه بالتزام غير مشروع ومن يتعهّد بعدم ارتكاب جريمة في مقابل مبلغ من النقود لا يقوم التزامه لاستحالة المحل إذْ هو لا يستطيع انشاء التزام قد وجد بحكم القانون قبل هذا الانشاء، وكذلك لا يقوم الالتزام المقابل لا لعدم مشروعية سببه بل لارتباطه بالتزام مستحيل.

وأمّا في العقود العينية والتبرعات فانّ اشتراط مشروعية السبب غير مفهوم، فالسبب في العقود العينية هو التسليم ولا يتصور ان يكون التسليم غير مشروع إلّا إذا وقع على محل غير مشروع وعند ذلك لا ينعقد العقد لعدم مشروعية المحل لا لعدم مشروعية السبب، والسبب في التبرعات هو نيّة التبرع وكيف يتصور أن تكون نيّة التبرع في ذاتها غير مشروعة؟ إنّ وجه الاستحالة في ذلك هو الذي يفسّر إنّ بعض أنصار النظرية التقليديّة ومنهم كاپيتان يجنحون إلى اعتبار السبب في التبرعات هو الباعث الدافع إلى التبرع، بل إنّ القانون الروماني ذاته يعتد بالباعث في الوصايا وبعض الهبات.

وأمّا الصياغة الجديدة لنظرية السبب التي مشى عليها أوّلا القضاء الفرنسي ثم صيغت فقهياً في الفقه الفرنسي فهي تفسير السبب بالباعث الدافع للملتزم في أن يلتزم، فيشترط في هذا الباعث أن يكون مشروعاً لا يحرّمه القانون ولا يتنافى مع النظام العام ولا مع الآداب وهذا رجوع إلى نظرية الفقهاء الكنسيين في السبب. ولا يجوز بداهة أن يعتد بالباعث الذي دفع أحد المتعاقدين إلى التعاقد إذا كان هذا الباعث مجهولا للمتعاقد الآخر، وإلّا استطاع أي متعاقد أن يتخلص من