المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

356

بالسبب، أي الباعث على التعاقد إلّا حيث يتضمنه التعبير عن الإرادة وفي مذاهباُخرى تتغلب العوامل الأدبية والخلقية والدينية فيعتد بالباعث ولو لم يتضمنه التعبير عن الإرادة ويكون العقد صحيحاً أو باطلا تبعاً لما إذا كان هذا الباعث مشروعاً أو غير مشروع.

ثم يستعرض السنهوري ضمور نظرية السبب في المذهبين الحنفي والشافعي وظهورها في المذهبين المالكي والحنبلي ويعقّبه بكلام مختصر عن المذاهب الاُخرى(1).

أقول: أما بالنسبة لما ذكره في العامل الأوّل من أنّ الفقه الإسلامي يتجه إلى نظرية الإرادة الظاهرة فقد مضى منّا: إنّ تلك النظرية فكرةً واصطلاحاً غربية بحتة لا علاقة بها بالفقه الإسلامي أبداً، والفقه الإسلامي يقصد بالإرادة، الإرادة بمعناها الحقيقي وهي الإرادة الباطنة، وأمّا ما يسمّى بالإرادة الظاهرة في مصطلح الغرب فينظر الفقه الإسلامي إليها بمنظار الأمارة والقرينة القابل لثبوت العكس.

نعم اتجاه الفقه الإسلامي إلى الإرادة الحقيقية لا يحتّم عليه الأخذ بنظرية السبب بمعنى الباعث، ففرق بين أصل إرادة العقد وبين الباعث والغاية لها، فبإمكان من يتجه في بحثه إلى الإرادة الباطنة أن يقتصر على دراسة الإرادة العقديّة ولا يرى أثراً للباعث.

وأمّا ما ذكره من العامل الثاني وهو الاتجاه الخلقي في الفقه الإسلامي فلا ريب إنّ الفقه الإسلامي فقه الأخلاق والآداب ولكن هذا لا يحتّم عليه الأخذ بنظرية السبب بمعنى كون عدم مشروعية الباعث موجباً لبطلان العقد. فإنّ المحتّم


(1) 4: 51 ـ 80.