المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

360

أ ـ دعوى حكم العقل:

الوجه الأوّل ـ دعوى حكم العقل بقبح تهيئة شرائط أو أسباب المعصية والإثم لمَن يعصي الله تبارك وتعالى كما يحكم بقبح المعصية، ولا فرق في ذلك بين كون الهدف من ذلك تحقق تلك المعصية أو لا، وبين كون السبب من الأسباب القريبة أو البعيدة، ولا بين كون السبب منحصراً عند هذا الشخص أو أنّ العاصي سيشتري العنب مثلا من شخص آخر لو امتنع هذا عن بيعه منه فيجعله خمراً، ولا بين كون المشتري قاصداً بالفعل لاستعمال العين المبيعة في المحرّم وكونه غير قاصد ذلك بالفعل ولكنَّ البايع يعلم أنّه سيتحقق له هذا القصد في المستقبل، أو أنّ نفس حصوله على هذه العين سيقدح في نفسه الداعي إلى صرفها في المعصية. وكذلك لا مجال لأي تفصيل آخر من أمثال هذه التفاصيل إلّا بشدّة القبح وضعفه، أمّا أصل القبح فهو عنصر مشترك في كل هذه الموارد، والقبح العقلي يؤدّي إلى الحرمة الشرعية.

وليس المقياس في صحة هذا الوجه صدق عنوان الإعانة كي يشكّك في بعض الفروض في صدق هذا العنوان كما لو خصّص صدق هذا العنوان بما إذا كان هدف البائع من هذا البيع تمكين المشتري من المعصية أو حصولها منه، أو بخصوص الأسباب القريبة دون البعيدة، أو بما إذا كان المشتري من الآن عازماً على الصرف في المعصية دون ما إذا علمنا بانّه سينقدح في نفسه داعي المعصية في المستقبل ونحو ذلك، وانّما المدّعى في هذا الدليل هو حكم العقل بقبح تهيئة أسباب وشرائط المعصية لشخص مّا من دون ارتباط لذلك بصدق عنوان الإعانة عليه وعدمه. هذا وما قلناه في علم الاُصول من أنّ مقدمة الحرام ليست حراماً إنّما يعني عدم الملازمة بين حرمة الفعل وحرمة مقدمته، فنفس فاعل الحرام لا