المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

364

الحرمة في المقام وهو دليل وجوب دفع المنكر حيث يقال: انّ امتناعنا عن بيع العين إيّاه لا يدفع المنكر لأنّه سوف يشتريها من غيرنا. أمّا هذا الدليل الأوّل الذي صيغ بعنوان قبح إيجاب أسباب المعصية فقد يدّعى سلامته من هذا النقض حتى لو تمَّ في الدليل الثالث، والفرق هو أنّ عنوان دفع المنكر المدعى وجوبه في الدليل الثالث قد يُقال إنّه عنوان بسيط لا يتحقق إلّا بامتناع الكل من بيع العين إيّاه، فإذا عرفنا عدم الامتناع من قِبَل البعض فقد عجزنا عن تحقيق المنع، وهذا نظير ما إذا أوجب رفع جسم ثقيل من الأرض وهو لا يمكن إلّا بتعاون اُناس عديدين على حمله فإذا امتنع عن ذلك عجز الآخرون عن رفعه وسقط التكليف عنهم.

وأمّا ما يدعى في هذا الدليل الأوّل فهو قبح إيجاد سبب المعصية، وإيجاد سبب المعصية عنوان انحلالي له مصاديق عديدة كلها محرّمة فكل مَنْ باع العنب من هذا الذي يريد تخميره فقد أوجد سبب المعصية وهو حرام وليس مصداقه منحصراً بفرد واحد مرتبط بالكل كما في رفع الجسم الثقيل حتى يسقط التكليف عن البعض عند امتناع الآخرين فما نحن فيه ليس من قبيل إيجاب رفع جسم ثقيل وإنّما هو من قبيل تحريم قتل المؤمن فلو علم أحد أنّه لو لم يقتل المؤمن الفلاني لقتله شخص آخر لم يكن هذا مجوّزاً لقتله إيّاه فإنّ حرمة القتل أمر انحلالي متوجّه إلى كل واحد من المكلفين مستقلا وكذلك الأمر في ما نحن فيه فحرمة إيجاد سبب الحرام حكم انحلالي متوجه إلى جميع آحاد المكلفين وعصيان البعض لا يبرّر عصيان الآخرين.

إلّا أنّ الواقع هو أنّنا لسنا أمام دليل لفظي دلّ على حرمة إيجاد سبب المعصية كي نستظهر منه الانحلال وإنّما نحن أمام حكم عقليّ بالقبح وهذا الحكم العقليّ لو كان فانّما النكتة المعقولة له هي التقليل من وجود ما هو مبغوض للمولى