المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

55

آخر، وهذا ما يتصوّر في فقهنا ضمن بيع الدَين أو هبته، ويسمّى في فقههم بحوالة الحقّ. قال الدكتور السنهوري:

قد كانت فكرة الرابطة الشخصيّة هي الفكرة السائدة في القانون الرومانيّ، ثمّ سادت بعد ذلك عصوراً طويلة في القوانين اللاتينيّة، فلم يكن يمكن معها تصوّر انتقال الالتزام لا من دائن إلى دائن آخر، ولا من مدين إلى مدين آخر، على أنّ استعصاء الالتزام على الانتقال لم يثبت في هذه القوانين القديمة إلّا في انتقاله فيما بين الأحياء. أمـّا انتقال الالتزام إلى الوارث بسبب الموت فإنّ هذه القوانين لم تلبث أن استساغته منذ عهد طويل... فينتقل الالتزام من الدائن عند موته إلى ورثته من بعده، ويصبح هؤلاء هم الدائنون مكانه، وكذلك ينتقل الالتزام من المدين عند موته إلى ورثته من بعده، ويصبح هؤلاء هم المدينون مكانه... وتعتبر شخصيّة الوارث إنّما هي استمرار لشخصيّة المورّث، فكأنّ الالتزام لم ينتقل إلى شخص جديد بموت صاحبه، بل بقي عند صاحبه ممثّلا في شخص الوارث...

وقد يبدو أنّ الالتزام يتحوّر في الشرائع الغربيّة إذا هو انتقل من المدين إلى وارثه وقَبِل الوارث الميراث محتفظاً بحقّ التجريد، فيفصل أموال التركة عن أمواله الشخصيّة ولا يكون مسؤولا عن ديون التركة إلّا في المال الذي ورثه، فيصبح الالتزام بعد أن انتقل إلى الوارث لا يمكن التنفيذ به إلّا على أموال التركة التي انتقلت إلى هذا الوارث، ولكن هذا التحوير ليس تحويراً حقيقيّاً، فالواقع من الأمر أنّ الالتزام بقي ـ من ناحية المال الذي يجوز التنفيذ عليه ـ كما كان في حياة المورّث، فقد كان عندئذ لا يمكن التنفيذ به إلّا على ماله فبقي كما كان....

وإذا كان قد أمكن في انتقال الالتزام بسبب الموت جعل الوارث خلفاً عامّاً