المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج2

14

ظلم الظالم بلحاظ نفس المعاملة مباشرة كما لو باع داره لمداواة ابنه أو لدفع الضريبة المجبر عليها من قِبَل الظالم فالرضا والطيب أيضاً حاصل، وإن كان الضرر ناشئاً من ظلم الظالم بلحاظ ترك نفس المعاملة فهنا لا يوجد رضا وطيب النفس، ففرق مثلا بين الاضطرار إلى قطع الاصبع ـ لمرض فيه قال عنه الطبيب: لو لم يقطع لسرى المرض إلى سائر البدن ممّا يؤدّي إلى الموت ـ وإكراه الظالم إيّاه لقطع اصبعه مهدّداً له بالقتل على تقدير ترك القطع ففي الثاني لا يكون طيّب الخاطر على قطع الاصبع في حين انّه في الأوّل يكون طيّب الخاطر على قطعه(1).

أقول: إنّ هذا البيان وإن لم يرد عليه ما أوردناه أخيراً على البيان السابق من أنّ مكمن الضرر في كلا الموردين شيء آخر وان ترك العقد في كلا الموردين سبب بالواسطة للضرر إلّا انّه لا يكون هذا البيان انجح من البيان الأوّل في توضيح الفرق بين الفرضين فهنا أيضاً نرى انّه سواء كان الظالم هو الذي أجبره مباشرة على العقد، أو كان العقد لأجل الاضطرار إلى تحصيل المال لعلاج ولده ففي كلا الحالين سيتأوّه ويتحسّر على بيع الدار ولا يكون منبسطاً نفسيّاً تجاه البيع، وفي كلا الحالين يكون بمعنى من المعاني فرحاً بالبيع الذي انجاه من وفاة ابنه أو من قتل نفسه ولا يحسّ بأيّ فرق نفسي في مثال قطع الاصبع بين ما لو كان ذلك على أساس مرض في الاصبع يؤدّي إلى موته لو لا القطع، أو كان على أساس تهديد الظالم إيّاه بالقتل على تقدير عدم القطع عدا أنّه في الثاني سيحسّ بالغيظ والحقد والغضب على الظالم، بخلافه في الأوّل الذي لا يوجد فيه ظالم ظلمه أمّا بلحاظ نفس عملية القطع فلا فرق بين الموردين من ناحية الإحساس النفسي.


(1) مصباح الفقاهة 3: 289 ـ 290.