المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج2

158

الدليل الثاني ـ ما ورد بسند تام عن محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام)قال: عمد الصبي وخطأه واحد(1)، ولا يقيد ذلك بموثّقة اسحاق بن عمّار عن جعفر (عليه السلام) عن ابيه ان عليّاً (عليه السلام) كان يقول: عمد الصبي خطأ يحمل على العاقلة(2). باعتبار اختصاص الموثّقة بباب الديات بقرينة قوله: يحمل على العاقلة، وذلك لانّهما مثبتان ولا تنافي بينهما كي يقيد أحدهما بالآخر.

فإذا عملنا بإطلاق حديث محمّد بن مسلم كانت النتيجة انّ الصبي مسلوب العبارة وانّ العقد الذي يصدر منه عن عمد كأنه صدر منه خطأً فهو باطل بتمام الأحوال.

وقد يجاب على هذا الإطلاق بعدة أجوبة:

الأوّل ـ ما ذكره المحقّق الاصفهاني (رحمه الله)(3) من أنّه لا يتصوّر في باب العقود عمد وخطأ، وانّما يتصوّر فيه القصد وعدم القصد، وهذا غير العمد والخطأ فالعمد والخطأ يتصوّران في سبب قد يترتب عليه المسبّب قهراً على خلاف ما قصدناه، وقد يتحقّق نفس ما قصدناه أي انّ الإنسان يعمد لتوجيه ذلك السبب بنحو يهدف به الوصول إلى مسبّب معيّن فقد يصيب الهدف وقد يخطأه من قبيل من يرمي لإصابة زيد وقتله فيصيب الهدف، وهذا هو القتل العمدي أو يرمي لإصابة طير في الهواء فيخطىء الهدف ويصيب زيد ويُقتَل بذلك، وهذا هو القتل الخطأ.

وأمّا العقد فلا يترتّب عليه أثر قهري وبلا اختيار وحينما يترتب عليه أثر فانّما يترتب عليه الأثر المقصود لا غيره فلا يتصوّر فيه العمد وإصابة الهدف تارة


(1) و (2) الوسائل 19: 307، الباب 11 من أبواب العاقلة، الحديث 2 و 3.

(3) راجع تعليقته على المكاسب 1: 115.