المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج2

183

الالتزام بشيء على العهدة بل هو نقل مباشر للعين إلى المشتري وفي مثله لا يرد هذا الوجه، وانّما يختص هذا الوجه بمثل الأجير الذي ينشيء الالتزام بالعمل.

والواقع انّ هذا الوجه مع الوجه الأوّل يشكلان وجهاً واحداً متكاملاً لانّ العاقد إمّا أن ينشىء أمراً اعتبارياً، أو ينشىء العهد الذي هو عمل تكويني للنفس، أو ينشئهما معاً فإنشاء الأمر الأوّل هو مورد للوجه الأوّل، وإنشاء الأمر الثاني هو مورد للوجه الثاني فلدينا إذن وجه واحد ذو جزئين ويمتاز هذا الجزء عن الجزء الأوّل أو هذا الوجه عن الوجه الأوّل بانّ الوجه الأوّل كان حسب مسلكنا لتقريره متوقّفاً على ثبوت السيرة العقلائية كما مضى شرحه، في حين انّ هذا الوجه ليس متوقفاً على ثبوتها فانّ التعهّد أمر تكويني ومنتسب إلى الآذن حقيقة، وليس أمراً اعتبارياً تتوقّف صحّة انتسابه إليه على ما مضى من فرض ثبوت الاعتبار في لوح الاعتبار العقلائي.

الثالث ـ ما أفاده السيّد الإمام (رحمه الله) وهو انّنا لو خلّينا وطبع الإطلاق اللفظي لأدلّة العقود لاقتضت إمضاء عقد الفضولي والغاصب اللذين عقدا بلا اذن وإجازة فضلاً عن العقد الصادر عن اذن المالك، والمناسبات العرفية التي أخرجت العقد الذي يكون اجنبياً عنّا تماماً انّما اخرجت العقد الاجنبي الصرف ولم تخرج العقد الذي وقع باذننا فنتمسّك في ذلك بالإطلاق.

وبكلمة اُخرى انّ تقييد هذه الأدلّة بان يكون العقد عقداً له، أو البيع بيعاً له، أو التجارة تجارته لم يكن بدليل لفظي، وانّما بمجرّد دعوى الانصراف على أساس المناسبات ولا انصراف عن البيع المأذون بعد ما كان صحيحاً لازماً عرفاً وفي جوّ العقلاء(1).


(1) راجع كتاب البيع 2: 101.