المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج2

8

فذكروا إنّ(1) الرضا في مورد الإكراه موجود ولكنّه معيب لقيامه على أساس الإكراه سنخ ما مضى منهم في موارد الغلط من أنّ الرضا موجود ولكنّه معيب لأنّه قائم على أساس الغلط، وقد جعلوا جزاء عيب الرضا بالإكراه قابلية العقد للإبطال(2) وهذا وإن كان أمراً جعله بيد مشرّعهم فلا معنى لفرض الخطأ والصواب فيه إلّا أنّنا نقول: إنّ هذا الجعل لا يناسب الاعتبارات العقلائية فإنّ المقصود بالرضا المفروض وجوده لو كان هو الرضا بإبراز التمليك فأيّ قيمة للرضا بالإبراز لو علم أنّه ليس راضياً بالنتيجة وهي نفس التمليك القانوني؟! وأي نكتة للفرق بين هذا وبين إبراز الرضا الاستهزائي مثلا؟!

ولو كان هو الرضا بإحداث الأثر القانوني خارجاً وبحسب الانطباق على ما في لوح القانون فمن الواضح أنّ المكره ليس راضياً بذلك، وهذا بخلاف الغلطان، فالغلطان راض بالنتيجة رضاً ناتجاً عن الغلط أمّا المكره فهو غير راض بالنتيجة وإنّما هو مكره على إبراز الرضا إبرازاً نعلم عدم مطابقته للواقع ففرق كبير بين البابين.

وعلى أيّة حال فما نقوله من أنّ عقد المكره باطل ولكن بالإمكان تصحيحه بلحوق الرضا مع ما يقوله الفقه الغربي من أنّ بيع المكره قابل للإبطال، وإن اشتركا في أنّ للمكره بعد زوال الإكراه حقّ القبول بالعقد وحقّ الردّ ولكن يختلفان عملا في أنّه على رأينا يصبح بإمكان المتعاقد الآخر أن يتراجع عن العقد قبل لحوق الرضا من طرف المكره فلا يبقى مجال لتصحيح العقد بلحوق الرضا، في حين أنّه


(1) راجع الوسيط 1: 360، الفقرة 188.

(2) راجع الوسيط 1: 361 ـ 363، الفقرة 190.