المولفات

المؤلفات > مباني فتاوى في الأموال العامّة

45


وعليه فبعد استظهارنا من روايات كفاية واحد من الأربعين من النقد لإشباع الفقراء أنّ الزكاة تكون على كلّ نقد رائج في زمانه تصبح النتيجة: أنّ مقياس النصاب في ذاك النقد هو نصاب الدرهم، أي: قيمة مئتي درهم رائج في عصر النصّ.

ويمكن الجواب عن الاستبعاد الثاني بأنّه من المحتمل أنّ ما ورد عنهم(عليهم السلام) في عدم كسر الذهب على الفضّة، ولا العكس، وعدم التركيب منهما في النصاب إنّما كانت بنكتة: أنّ الذهب والفضّة لم يكونا متمحّضين في النقديّة البحت كما هو الحال في أوراق اليوم، بل كان كلّ منهما متاعاً أيضاً، فأمر أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) بأن لا يكسر أحدهما في تحقيق النصاب على الآخر، وأن يحسب لكلّ واحد منهما حسابه الخاصّ. ويؤيّد ذلك: أنّه في فرض التركيب على أساس التحايل على الزكاة أمرت موثّقة إسحاق بثبوت الزكاة(1). وأمّا أوراق اليوم فهي متمحّضة في النقديّة، وليست أمتعة في جنب ما لها من ماليّة، وعليها زكاة النقد المتمثّلة في واحد من أربعين في نصاب ما يساوي قيمة مئتي درهم أوّلاً، ثُمّ كلّما يساوي أربعين درهماً ثانياً وإلى الأخير.

هذا غاية ما يمكن أن يقال لتقوية فكرة تعلّق الزكاة بنفس التشريع الأوّلي للزكاة بالأوراق النقديّة المألوفة اليوم، إلّا أنّ هذا يكلّفنا ما هو خلاف شبه المسلّم الفقهي، فإنّ النتيجة انتهت إلى أنّ نصابي الزكاة والفضّة واحد وهو قيمة مئتي درهم ثمّ قيمة أربعين درهماً، وإنّما عبّر في الروايات عن نصاب الذهب بعشرين مثقالاً ثُمّ أربعة دنانير لتساويهما نصاب الدرهم، في حين أنّ من شبه القطعي لفقهنا كون ذلك هو النصاب الأصلي للذهب، وليكن تقارب القيمتين حكمةً في جعل نصاب الذهب ذلك، وليحمل صحيحا الحلبي ومحمّد بن مسلم على الحكمة، ومسألة صعود ونزول قيمة الذهب


(1) الوسائل، ب 5 من زكاة الذهب والفضّة، ح 3.