المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

100

الأسد أو زئيره ولو من دون إحساس خارجيّ، وأقصد بالاقتران المخصوص أن تكون للاقتران خصوصيّة كمّيّة من قبيل كثرة اقتران زئير الأسد بالأسد، أو خصوصيّة كيفيّة بأن يكون الاقتران في ظرف مؤثّر وملفت للنظر كما لو اقترن سفر شخص إلى الحلّة مثلاً بمرض شديد، فمتى ما تذكّر السفر إلى الحلّة تذكّر المرض.

والبشر قد استفاد منذ أبعد العصور في مقام التفهيم والتفاهم من هذين القانونين الثانويّين، فمثلاً تراه يفهّم بعض المعاني بإيجاد صورته باليد وغيرها، فلكي يشير إلى كون فلان لابساً للعمامة أو طويلاً أو قصيراً أو غير ذلك يشير باليد بنحو يصوّر صورة شبيهة بذلك، فينتقل ذهن المخاطب إلى المعنى المقصود، وهذا تطبيق للقانون الأوّل. ولكي يفهّم معنى الأسد يزئر كزئير الأسد فينتقل الذهن من هذا الصوت الشبيه بزئير الأسد إلى زئير الأسد تطبيقاً للقانون الأوّل، ومن زئير الأسد إلى معنى الأسد تطبيقاً للقانون الثاني، فيحصل بذلك تفهيم المعنى المقصود، ولكي يفهّم كون فلان شجاعاً مثلاً يزئر زئير الأسد مشيراً إليه، فينتقل ذهن السامع من صوته إلى زئير الأسد تطبيقاً للقانون الأوّل، ومن زئير الأسد إلى الأسد تطبيقاً للقانون الثاني، ومن الأسد إلى الشجاع للشبه الموجود بينهما تطبيقاً للقانون الأوّل، فبهذا يحصل تصوّر المعنى المقصود وهو الشجاع. وإلى هنا أمكن تكوين لغة للبشر يتفاهمون بها من باب الاستفادة من القانونين التكوينيّين من دون أيّ تصرّف من قبل البشر في كبرى القانون بأن يوجد سببيّة ذاتيّة في شيء لم يكن سبباً، ولا في صغرى القانون بأن يوجد الشبه أو المقارنة فيما لا يكون شبيهاً أو مقارناً، وإذا تكرّر إيجاد صوت يشبه صوت الأسد للدلالة على الشجاع ـ مثلاً ـ أصبح بالتدريج نفس ذلك الصوت دالاًّ على الشجاع من دون توسّط دلالته على صوت الأسد، ودلالة صوت الأسد على الأسد، ودلالة الأسد على الشجاع، وذلك