المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

108

الماء على الماء، وصوت تساقط ورق الأشجار على ذلك وما إلى ذلك دلالات قهريّة ثابتة للإنسان بالقانون الثاني وبالاقتران القهريّ، من دون إعمال أيّ عناية من قبله، فلعلّ هذا هو الذي ألفت الإنسان إلى أنّ الصوت بالإمكان أن يدلّ على معنىً، فانفتح عليه باب الخيرات.

الثاني: مبنيّ على مسالكهم من التعهّد والاعتبار ونحو ذلك، وهو: أنّ الإنسان إذا كان هو الواضع، فطبعاً قد وضع الألفاظ قبل التكلّم والاستعمال؛ لأنّ الاستعمال دائماً في طول الوضع. وهذا معناه: أنّ الإنسان استطاع أن يصل إلى هذه المرتبة من التدقيق بحيث يلتفت إلى الملازمات والمعقولات والتنزيلات الاعتباريّة والتعهّدات قبل أن يتكلّم، ومن البعيد جدّاً أن يصل الإنسان إلى هذه المرتبة من التعقّل والتفكّر والتفلسف قبل أن يتكلّم مع أخيه أو زوجته، بل كان صامتاً وبقي صامتاً إلى أن وصل إلى هذا الحدّ، وأمّا إذا كان الواضع هو الله تعالى فقد ارتفع الاستبعاد.

وهذا الاستبعاد في محلّه جدّاً بناءً على تلك المسالك المعروفة، ومن وصل إلى هذه الدرجة من الذكاء والالتفات كيف سكت طيلة هذه المدّة؟ ألم تكن له حاجات ورغبات؟! وأمّا على مبنانا من أنّ الوضع ليس إلاّ عبارة عن قرن اللفظ بالمعنى، فهذا مطلب يمكن حصوله حتّى من الأطفال، ويمكن الالتفات إليه قبل بلوغ الإنسان إلى مرحلة التكلّم بهذا الترتيب، فقد اقترن قهراً صوت الزئير مع الأسد، وبالتالي اقترن مع الشجاع، وبالتدريج توسّعت اللغة من دون أيّ استبعاد في ذلك.

الثالث: مبنيّ على مسالكهم أيضاً، وهو أنّنا لنفرض أنّهم وصلوا إلى تلك المرحلة من التعقّل والتفلسف قبل الكلام، ولكن كيف أبرزوا هذه التعهّدات أو